من واجب المسؤولين أن يجدوا الحلول للمشاكل مهما كان نوعها طالما أنهم يضطلعون بالمهام الموكلة إليهم ، ولكن هناك دائما من ” يمشكل ” الحلول ويزيد من تعقيدها نتيجة غياب القواعد الصحيحة في تحديد المشكلة وتحليل عناصرها وأبعادها وآثارها القريبة والبعيدة، والمشكلة الأكثر تعقيدا في إدارة الشؤون العامة عندنا هي إغفال دور الشركاء في المشكلة والحل!
قد يكون الشركاء جهات عديدة، حكومية وأهلية، ويمكننا ضرب أمثلة لا حصر لها عندما نتحدث عن البنية التحتية والخدمات التي تتشارك فيها عدة وزارات ومؤسسات ودوائر حكومية، ولا أتحدث هنا عن عدد الموافقات التي يحتاجها مشروع استثماري، وإنما عن تعارض القوانين والتعليمات مع بعضها، مما يطيل أمد المعاملات، وإضاعة الوقت في مراجعات لا طائل من ورائها، ونسأل بعد ذلك عن أسباب ترهل الإدارة، والواسطة والمحسوبية، فقد أظهرت التجارب الكثيرة أنه بإمكان المسؤول أن يسهل المعاملة دون أي تجاوز للقوانين، كل ما في الأمر أنه يؤشر إلى مدخل سليم لإتمامها!
الشركاء الحاضرون في المشكلة والغائبون عن الحل هم الجمهور أولا، والهيئات المدنية من جمعيات ونقابات وغرف تجارة وصناعة وزراعة وغيرها ثانيا، فلا أحد يحفل بحق المراجعين معرفة الأسباب التي من أجلها رفضت معاملاتهم، ولا بشكاويهم، ولا حتى بحسن استقبالهم، ولا الهيئات محل اعتبار لا في المشورة ولا الشراكة الحقيقية، مع أن الحكومة الذكية هي التي تحرص على رضى المواطنين عن سلوكها وعن أدائها معا.
الحكومة تعلن عن إجراءات وقرارات ترتكز إلى أربعة محاور هي زيادة الأجور والرواتب، وتنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، والإصلاح الإداري والمالية العامة، وجلالة الملك عبدالله الثاني يقول لها خلال ترؤسه لجانب من جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي يجب أن تكون حزمة الإجراءات واضحة، حتى يستطيع المواطنون تفهمها ومناقشتها، وفي ذلك إشارة واضحة إلى شراكة المواطنين في الحلول، بدليل أن جلالة الملك لم يكتف بالقول فهمها، بل مناقشتها أيضا.
كل شيء يمكن أن يتحرك في الاتجاه الصحيح لو استبدلنا عقلية “مَشْكَلَةِ” الحلول التي اعتدنا عليها، بعقلية حل المشاكل التي تنقصنا، لأنها هي التي تقودنا إلى معرفة سبل وأدوات وآليات التعامل مع المشاكل والأزمات، وبإمكانها تحقيق الأهداف المرجوة من المحاور الأربعة.