حلف الأطلسي .. إسرائيل والغياب العربي «المدوي» (2-2)
محمد خروب
24-11-2009 06:24 PM
لم يطلب أحد منا.. شيئا لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ..
الناتو ليست الجواب لكل المشكلات الخاصة بالسلم في العالم ..
عبارات من هذا القبيل (والاختلاف في المفردات ليس سوى تنويع على نص واحد) ترد على لسان كل مسؤولي حلف الاطلسي، بدءا بنائب الامين العام وليس انتهاء بتلك السيدة التركية التي تتحدث بطلاقة لافتة عن الارهاب لكنها تتلعثم عندما تسأل عما اذا كانت هناك رغبة لدى الناتو لاعتماد تعريف قانوني وأخلاقي (وفق مبادئ القانون الدولي)، يفرق بين الارهاب الذي يستهدف المدنيين واولئك المقاتلين من اجل الاستقلال ومقاومة الجيوش المحتلة لاراضيهم، والتي تحول دونهم وممارسة حقهم في تقرير المصير واختيار النظام السياسي الذي يريدون، كما هي الحال في فلسطين كمثال صارخ على سياسةالمعايير المزدوجة والنفاق التي يعتمدها الناتو كما الدول التي تنتمي لما يوصف ب العالم الحر ..
نحن اذا أمام قادة حلف دولي غربي بالكامل (باستثناء تركيا بالطبع)، لا أحد يستطيع تجاهل القوة السياسية والعسكرية والدبلوماسية ولا النفوذ الهائل الذي يتوفر عليه، لكنه لا يعتمد سياسات تنسجم على الاقل مع الشعارات التي يرفعها والقيم التي يزعم الدفاع عنها، وبخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة واختفاء حلف وارسو..
وهنا يمكن التوقف عند العبارة اللافتة التي يتحدث عنها مسؤولو الناتو في معرض تبريرهم لعدم قيام الدول الاعضاء ب (حل) هذا الحلف مباشرة بعد زوال الخطر السوفياتي (بل هم قاموا ويعملون على ضم المزيد من الاعضاء، على نحو يثير الشكوك في الاهداف الحقيقية التي تقف خلف استمرار الحلف)..
- لم نحل الحلف.. لأننا كنا ندافع عن نظام اقتصادي سياسي له.. قيمة..
هكذا يرددون في زهو وتصميم واضحين..
اسئلة عديدة وتساؤلات كثيرة واستفسارات غطت على مساحة يومين من اللقاءات المكثفة المحضرة مسبقا.. لكن السؤال المركزي الذي ظل يتردد باستمرار على ألسنة اعضاء الوفد الاعلامي الاردني.. هو: ما هو موقفكم من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولماذا لا تتدخلون في المساعي المبذولة لحله..
عدا عن الجواب الجاهز عند كلهم .. لا أحد طلب منا شيئا، فإن ما بين سطور المقاربة التي يطرحونها، يشي بأن ثمة من يراه منهم، مجرد نزاع على الاراضي وليس مسألة إحتلال يجب ان ينتهي وأن يصار الى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة.. وإن كان هناك من تحدث من مسؤولي الناتو عن القلق الذي يساور الحلف ان لم يفعل اكثر من الجانب السياسي، حتى لا يتآكل مسار الحوار الراهن الذي يجب ان لا نهجره، لكنه يعود ليؤكد: ان الناتو ليس المنوط بحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي..
اسرائيل مرتاحة جدا لعلاقاتها المتطورة مع الناتو، وهي علاقات تنهض في الاساس على بعدين، عسكري وأمني، مستثمرة الدعم الاميركي المعلن والدائم، ومستفيدة في الآن ذاته من معزوفة الحرب على الارهاب، التي فتحت المزيد من ابواب الناتو امامها عبر تعاون آخذ في الازدياد أفقيا وعاموديا وهي تشارك في مناوراته العسكرية، كما تتم عملية تبادل المعلومات السرية والصور الجوية التي تلتقطها اقمار التجسس، كذلك التكنولوجيا العسكرية في سهولة ويسر..
أين من هنا؟.
الناتو، المنخرط الان في ورشة بحث عميقة عن استراتيجية جديدة تمنحه هوية ودور مختلفين، عما لعبه حتى الان - وعقدين بعد انتهاء الحرب الباردة - لا يقلقه كثيرا الصراع العربي الاسرائيلي، وهو إن تقدم خطوة في هذا الاتجاه، فلن يكون إلا من خلال ضوء اميركي أخضر ، وهو ضوء لا يلوح في نهاية النفق، ما يعني استمرار حلف شمال الاطلسي في التخفي خلف الاسطوانة المشروخة ذاتها:.
- نترك الامر في يد الوسيط الاميركي و... الرباعية الدولية!!..
عظم الله اجرهم..
Kharroub@jpf.com.jo