بروكسل عاصمة بلجيكا مدينة جميلة تستحق الزيارة, ففيها من دفء المدن الشيء الكثير (رغم برودة الطقس هذه الايام) ويجعلك ان تحن للعودة اليها كلما سنحت الفرصة, لا اريد ان اتحدث عن عراقة المدينة ونظافتها وهدوئها فهذه ميزة لكل المدن الاوروبية لكن في بروكسل مظاهر لابد من تناولها كزائر عابر.

أول تلك المظاهر ان بروكسل بلد يخلو من المظاهر المسلحة في الشوارع الدبابات والعربات المصفحة وافراد الحراسات العسكرية مع ان المدينة تستضيف مقر حلف شمال الاطلسي (الناتو) ومقر الاتحاد الاوروبي.

من اشهر منتوجات بلجيكا الشوكلاته وهي من اغلى المواد التي يمكن ان تشتريها حيث يصل كيلو الشوكلاته بكل بساطة إلى اكثر من 40 دينارا, ومحلات الشكولاته تعج فيها بروكسل لكن من الصعب ان تجد بلجيكيا ذكرا او انثى يعاني من السمنة في شوارع المدينة.

في بروكسل عدد من المعالم الاثرية والسياحية اشهرها تمثال برونزي لطفل عمره سنتان يقف على نافورة في زاوية احد الشوارع الواقعة خلف مبنى البلدية وتقول الرواية ان طفلا اثناء الحرب العالمية الثانية قد خلع بنطاله وبال على قنبلة القيت في احد الازقة مما ادى الى عدم انفجارها وتخليدا لذلك العمل البطولي والطفولي, صنع ذلك التمثال الذي اصبح رمزا وطنيا لا تخلو منه كل محلات بيع التذكارات في بلجيكا.

في بروكسل كان لقي الوفد الصحافي اهتماما خاصا من طاقم السفارة الاردنية في بروكسل الذي يقوده معالي الدكتور احمد المساعدة الذي اصطحبنا في جولة وسط المدينة وتوقف بنا امام مبنى بلدية بروكسل. هذا لفت انتباهنا الى خطأ معماري في استقامة احد الشبابيك حيث ادى اكتشاف ذلك الى انتحار المهندس المشرف على البناء بالقاء نفسه من اعلى المبنى.

في موقع معركة واترلو التي وقعت عام 1815 بين الجيش الفرنسي بقيادة نابليون وبين جيوش بريطانيا وبروسيا والمانيا وهي المعركة التي خسر فيها نابليون وذهب الى منفاه قائلا: "في واترلو خسرنا كل شيء الا الشرف".

لا يوجد في موقع المعركة شيء استثنائي سوى تلة ترابية ترتفع 226 درجة يعلوها تمثال الاسد البريطاني يطل على السهول التي وقعت فيها المعركة, وفي الاسفل سينما يشاهد فيها السياح ملخصا لفيلم معركة واترلو وكذلك موقع بانوراما للاحداث الدامية ومتحف فيه بعض السيوف والبذلات العسكرية والخوذ ومحل لبيع التذكارات ومطعم سياحي, لكنه مكان تشير البطاقات التي اشتريناها ان عدد زواره زاد على 900 مليون زائر.

لا اريد ان ازيد في الحديث عن بلجيكا بل اختم بالقول ان الاردن لديه العديد من الاماكن التاريخية التي يمكن ان تجلب الكثير من السياح لو تم الاهتمام بها مثل مكان اعتماد السيد المسيح في نهر الاردن وكذلك موقع جبل مكاور حيث قطع رأس يوحنا المعمدان (النبي يحيى) وكذلك معركة اليرموك ومعركة مؤته ومعركة الكرامة, ماذا لو عملنا بانوراما في تلك المواقع ومتاحف خاصة وامكنة تثير شهية السياح.

لقد كانت بلجيكا التي استقلت عن هولندا عام 1830 ساحة لمعظم الحروب في القارة الاوروبية خاصة الحربين العالميتين الاولى والثانية وتاريخ بلجيكا والقارة شهدت الكثير من الحروب والمآسي لكن تلك الدول تجاوزت اخر حروبها بعد اقل من 40 عاما لتتحد دوله ضمن الاتحاد الارووبي وحلف الناتو, لكننا نحن العرب لم نخض حروبا بين دولنا بمعنى الحروب, وبيننا من القواسم المشتركة اكثر من تلك التي وحدت اوروبا لكن الانظمة السياسية وحدودها الجغرافية ومصالحها فرقتنا ولا زالت!

nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم.