لقاء بوتين أوردوغان الاخير .. ما هي النتائج؟
د.حسام العتوم
26-10-2019 01:55 PM
وأقصد هنا لقاء مدينة سوتشي الهام بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب اوردوغان بتاريخ 22/ تشرين اول الجاري بعد عملية (نبع السلام) التركية العسكرية شمال شرق سوريا بالتعاون مع ما يسمى بالجيش الوطني السوري المعارض والمتحالف مع انقرة، وهي التي استهدفت ملاحقة قوات سوريا الديمقراطية ذات العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، واللذين هما مصنفان بأنهما ارهابيان من طرف تركيا. ولروسيا وجهة نظر وموقف، ولأمريكا مسار سياسي مختلف بطبيعة الحال. وهنا ولمن يدقق النظر لابد له ان يلاحظ كيف ان المدرسة السياسية الروسية تختلف عن نظيرتها الأمريكية، ففي الوقت الذي تدعو فيه موسكو بوتين – لافروف للحوار السوري – الكردي، ولمنطقة أمنة تحت رقابتها والمجتمع الدولي، قابلت هذه المعادلة موقف امريكي مغاير مهدد لاقتصاد تركيا كما ورد على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وكما صرح بعده وزير خارجيته بومبيو الذي لوح بإمكانية استخدام الخيار العسكري حالة تعرض امن امريكا القومي للخطر.
وحسب صحيفة (القدس العربي)، فإن (الكرملين) صرح بأن الدولة السورية هي الوحيدة المخولة بالسماح بالتواجد التركي على أراضيها وليس الجيش الروسي، وتضيف الخارجية الروسية بأن التدخل التركي ينتهك وحدة الأراضي السورية وسيادتها، واضيف هنا بأن ما قصدته موسكو هو التواجد التركي المؤقت، والهدف له علاقة مباشرة بأمن تركي القومي.
ووصف الرئيس بوتين الحضور الامريكي العسكري في سوريا بأنه غير شرعي، وجاء من غير دعمه. وتوضيح اوردغان بأنه لم يستطع الاتفاق مع امريكا حول المنطقة الأمنة، اعطى مؤشرا على ان لأمريكا حساباتها القومية خارج معادلة حلف الناتو العسكري الذي تنتمي له تركيا، وتقيم علاقات عسكرية مع موسكو ذات الوقت، خاصة ما يتعلق بصفقة الصواريخ الدفاعية C400 ، والتي من الممكن اعتبارها سبباً للتصلب الامريكي. ومع هذا وذاك نجحت امريكا عبر مبعوثها نائب الرئيس الامريكي بينس في تثبيت هدنة مقدارها 120 ساعة لصالح خروج المقاتلين الاكراد من وسط ميدان القتال مع الجيش التركي، وبالمناسبة تركيا لا تفرق بين الفدائيين الاكراد وبين تنظيم النصرة، وتنعتهما معا بالإرهاب، بينما هو الارهاب ينسحب على تنظيمي وعصابتي (النصرة) و (داعش) المتفرعتين من تنظيم (القاعدة) الارهابي الام وغيرهم في افريقيا مثل بوكو حرام.
والملفت للنظر هنا ومن وسط الحراك التركي الملاحق للتحرك الكردي من جهة، وللارهاب من جهة أخرى، وداخل الأراضي السورية بأنه لا يجري بالتنسيق مع نظام دمشق مباشرة، وإنما مع روسيا صاحبة الولاية السياسية، بينما السيادة هي لسوريا بكل تأكيد. والخطوة الروسية في سوتشي عبر لقاء بوتين اوردوغان من شأنها ربما ان تقود لتقارب تركي – سوري بعد عدم ثبوت تطاول نظام الاسد على كل الشعب السوري، رغم تسجيل ملاحظات عليه في هذا الاطار هنا وهناك انطلاقاً من مدينة درعا، ومروراً بالمدن السورية بما في ذلك دمشق العاصمة، وتشريد الملايين، ومقتل غيرهم. وروسيا تحديداً اوضحت صورة النظام السوري للعالم، وتمكنت من استمالة امريكا لقناعتها، والعمل على دفعها للعزوف عن خطتها العسكرية (ب) التي رغبت، اي امريكا باقناع العرب بها، والدفع بهم امامها لتحقيق مآربها، لكن روسيا كانت لها وللمنطقة الشرق اوسطية بالمرصاد، ونجحت في بناء مناطق لخفض التصعيد في جنوب وشمال سوريا بالتعاون مع امريكا ودول الجوار السوري، وهو الأمر الذي ساعد على تثبيت الأمن في سوريا، وإلى تسريع العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى ديارهم، ومنهم من لا يزال ينتظر اعادة بناء البنية التحتية في سوريا حتى يضمن عودة امنة إلى قراه، وبلداته، ومدنه.
والآن وبعد لقاء سوتشي اصبحت روسيا الضامن لأمن الاكراد، وسوريا، والمانعة لأي تغول تركي غير مشروع وطويل الأمد داخل الأراضي السورية، واعطت السوريين فرصة جديدة لمطاردة الإرهاب خاصة في ادلب. واسناد ملاحظ للخطوة الروسية التصالحية ايدتها ايران، واصبح المطلوب من تركيا اكثر تفهم الجنسية السورية للاكراد الواقعين على ارضها، وتأكيد روسي يستوجب الاهتمام فيما يتعلق (باتفاق اضنة 1998) بين تركيا وسوريا لاحكام السيطرة على ملف شمال سوريا، ولا شيء في السياسة يمنع حدوث تقارب تركي – سوري، وستبقى مشاكل تركيا تخصها، ومشاكل سوريا تخص سوريا، ولا توجد جهة تملك حق ادعاء الوصاية على اي جهة أخرى، والاستقلال والسيادة هما عنوان المرحلة وحديث عن رفع امريكا لعقوباتها التي اقرتها 14 تشرين اول 2019 عن تركيا بعد اعلان وقفها الدائم للقتال.