في متابعتي على شاشات التلفزيون الحراك اللبناني استوقفتني عبارة قالها محلل سياسي لبناني : «الامة اللبنانية «.
العبارة لم تأت من فارغ تاريخي، بل هي انتصار لفكرة وطنية تاريخية يناصرها مفكرون ومؤرخون وادباء لبنانيون ، ويتحدثون عن الوطن الممتد والمستريح في التاريخ على مر العصور والحقب.
في العالم العربي المصريون فقط من تحدثوا عن الامة المصرية، فكر طه حسين والذي تأثر بالفكر الاستشراقي والمفتون بالحضارة الفرعونية. وتحدث في كتابه مستقبل الثقافة المصرية عن سياق تاريخي موثق لدولة مصر.
المؤرخ اللبناني مئير زمير كتب عن نشأة فكرة القومية اللبنانية بتأثير من اللوبي الثقافي اللبناني في مصر، والذي كان في نهايات القرن التاسع عشر ومطلع العشرين دور ريادي وطليعي في الادب والثفافة والفن والفكر المصري والعربي.
فكرة القومية والامة اللبنانية ولدت في سياق غزل للاستشراق الاوروبي، وتقرب من الغرب الاستعماري الذي كان يعاد في فكرة رسم الجغرافيا السياسية للشرق الاوسط والعالم العربي.
في مخيلة مفكرين وسياسيين لبنانيين فانهم صدقوا أنهم اوروبيين رغم عائق الجغرافيا وعنادها. والجغرافيا هي الثابت أقوى من التاريخ وكل تحولاته، وليس بمقدور فنيقي مشرقي ان يصبح أوروبيا مهما تنقل وترحل، مهما فعل أيضا، هي حتمية الجغرافيا.
في الثقافة اللبنانية ولد خطاب يتماهى مع العرق والهوية القومية المطلقة. وفي الثقافة الشعبية اللبنانية ثمة افكار لخيال بأن اللبنانيين مختلفون وغير، وان منطوق لسانهم ليس عربيا، وتلتقط ايضا ثقافة هوياتية شوفانية.
فكرة الامة اللبنانية يختلف طرحها في سياقات ما بين اللبنانية المعاصرة وليدة التأثر بالاستشراق واللبنانية الفنيقية والاخيرة لها سياقات تحليل حضاري وتاريخي مختلف بتاتا.
الحراك اللبناني المتصاعد على أصعدة أخرى خلف مشاهدات كثيرة. صورة المرأة اللبنانية الجميلة والجريئة والقوية. وطريقة تعامل الرجل معها، ولربما هي غريبة على المجتمعات العربية حتى من يدعون الليبرالية والانفتاح والتحررية.
المرأة اللبنانية هي ايقونة الحراك. وصورتها بعثت عن مستوى عميق من قوة المجتمع اللبناني. المرأة ليس منبوذة، ولا ينظر اليها من زوايا العار والعورة والانتقاص الانساني.
لربما أن كثيرا من الاعلام اللبناني والعربي ظلم المرأة اللبنانية بتصويرها سطحية ومكياج والاهتمام بالمظهر الخارجي والازياء وجمال الجسد والوجه، واخفى المرأة المثقفة والمناضلة والثائرة والحرة والمجاهدة والمكابدة.
من السذاجة والتفاهة والكبت الجنسي الالتفاف الغرائزي الى المرأة في حراك شعبي وسياسي. من لا يفقهون الحرية ينظرون الى المرأة من زوايا الكبت والحرمان الغرائزي.
الحراك اللبناني بعيد عن المطلب والتجاذب والصراع السياسي بين الفرقاء فقد قدم دروسا متحضرة وتقدمية في المشهد السياسي العربي. والاهم أن المرأة اللبنانية هي ايقونة الحراك.
الدستور