حلف الناتو بين السياسة والعسكرة
نبيل غيشان
23-11-2009 08:13 PM
لم تكن مهمة الوفد الصحافي الاردني في مقر حلف شمالي الاطلسي (الناتو) سهلة لان "المضيفين" ابتدأ من امين عام الحلف والجنرالات الفرنسيين والايطاليين وغيرهم من المدنيين الذين التقيناهم لم يكن لديهم من هم سوى محاولة اقناعنا بان حلف الناتو العسكري هو منظمة سياسية تعمل بنظام الاجماع وليس حلفا عسكريا يشكل أداة طيعة بيد الولايات المتحدة.
لا شيء في مقر الحلف ببروكسل يدلك على انه قاعدة عسكرية سوى التفتيش الامني الدقيق,ففي الداخل لا وجود للحراسات الامنية المسلحة ولا وجود للدبابات والعربات المصفحة والبنايات عادية واثاثها متواضع ويمكن ان تشتري الشكولاته او الورود والكتب والصحف من المحلات لكن ذلك لا يغير من طبيعة الحلف ومهماته.
"الحلف منظمة سياسية لها ذراع عسكري" هذه حجتهم ولكنها حيلة لا تنطلي على احد, وعندما تناقش وتسأل عن دور الحلف في ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يقال "هذه ليست مهمتنا ولم يطلب منا ذلك" وعندما قلنا لهم بان "الارهاب الذي تحاربونه, اختزلتموه بالحرب على الاسلام "يجيبو" لماذا تتناسون دور الحلف في حماية المسلمين في البوسنة وكوسوفو, الم نخض حربا للدفاع عنهم?".
قلنا لهم بان الحروب التي خضتموها في البلقان لم تكن من اجل سواد "عيون الاسلام" هناك بقدر ما كانت دفاعا عن اوروبيين تصادف انهم مسلمون ودفاعا عن أمن واستقرار اوروبا ومنعا لتمدد نفوذ روسيا عبر الصرب الى منطقة البلقان.
للحلف ثلاثة اهداف معلنة تتمثل في حفظ السلام الدولي ومحاربة الارهاب ومنع انتشار الاسلحة النووية وهي نقاط تخرقها اسرائيل كل يوم ولا نسمع لحلف شمالي الاطلسي صوتا لا بل ان مواقف اغلب دوله وحتى البوسنة والهرسك "المسلمة "مخزية من تقرير غولدستون الذي يتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة.
نعرف ان سمعة الحلف ليست عطرة وهو حلف لا يبحث عن الشعبية لكسب العقول والقلوب حول العالم وهذا ما قلناه لهم بل طلبنا منهم ان يفهموا ان المبادئ الاخلاقية والقانونية التي تعتنقها دول الحلف فرادى ومجتمعة مثل " الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان " لا يمكن ان تكون حقيقية الا من خلال رفض الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني, لان السكوت على المذابح الاسرائيلية وجدار الفصل العنصري والحصار والحواجز ومنع المصلين من الوصل الى اماكن العبادة هي التي تؤدي الى تآكل سمعة حلف الناتو ودوله لانها تتعامل بالمعايير المزدوجة وتغض الطرف عن ممارسات اسرائيل "عدو السلام والاستقرار" في كل مكان.
ويحاول الحلف ان يطرح وثيقة مع بداية العام المقبل حول المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف لكنه لن يغير شيئا في المفاهيم بل يبحث عن "الشعبية" وتبديل السمعة السيئة من خلال الانفتاح على"الافراد والمنظمات الاهلية والشركات والحوار معها ".
تفهم كثير ممن التقيناهم من الجنرالات مداخلاتنا الحادة وغير المجاملة وبعضهم اعتبرنا " استفزازيين" لكن الجميع سمع كلاما لم يكن يود ان يسمعه ولم يخف بعض المحاورين طلبه بتخفيف حدة الاسئلة والنقاش لانه" لا يريد ان يقضي عطلة نهاية الاسبوع في المستشفى".
وابلغنا السفير الاردني في بروكسل معالي الدكتور احمد المساعدة الذي حضر حلقات الحوار ان آراء ومداخلات الوفد الصحافي كانت جادة ومهمة وغير مسبوقة في جرأتها.
المصيبة ان محاورينا في الناتو يعرفون ان لا سلام في منطقة الشرق الاوسط ولا استقرار في العالم الا بانهاء اخر استعمار في العالم واقامة الدول الفلسطينية, فهذه شروط الامن والاستقرار في العالم وهي مصلحة امريكية واوروبية مثلما هي مصلحة عربية ومصلحة اسرائيلية.0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم