ملف اللاجئين الفلسطينيين أمام الحكومة
ماهر ابو طير
25-10-2019 12:12 AM
وفقا لما تم نشره فإن العاملين في وكالة الغوث الدولية في الأردن، الذين يخدمون اكثر من مليوني لاجئ فلسطيني في المدارس وعبر مراكز العلاج، يعتزمون الاضراب بعد أيام.
هؤلاء يطالبون وكالة الغوث الدولية بزيادة رواتبهم بقيمة مائتي دينار شهريا لكل موظف في توقيت تعاني فيه الوكالة أساسا من العجز المالي، فوق تآمر جهات عديدة من أجل انهاء عمل وكالة الغوث الدولية، كليا، وتصفية وجودها من أجل طي ملف اللاجئين كليا، كما أن الدعوة لهذا الإضراب تأتي قبل أيام من تجديد ولاية الوكالة مطلع كانون الأول المقبل لثلاث سنوات قادمة، وهو لغم طائر يتنزل على وجه الوكالة من جهة، وعلى وجه الحكومة التي خرجت للتو من ملف إضراب المعلمين في الأردن.
ملف اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ملف حساس جدا، لا تستطيع الحكومة تجنبه، إذ إن أغلب هؤلاء باتوا أردنيين من ناحية قانونية، بما يجعل هذا الملف ملفا رسميا، بما يعنيه ذلك من ازمة شبيهة بأزمة المعلمين في الأردن، خصوصا، ان الوكالة تدير 169 مدرسة يدرس بها عشرات آلاف الطلبة، إضافة إلى الخدمات الصحية والعلاجية التي تشمل مليوني شخص هنا في الأردن، بدرجات متفاوتة، إضافة إلى بقية الخدمات.
إذا كان هناك من يعتقد أن اضراب موظفي الوكالة في الأردن، يجب الا تعترض عليه اي جهة رسمية، كونه لن يؤثر ماليا على موازنة الحكومة، فإن هذا الاعتقاد يبدو بائسا، إذ إننا أولا امام مواطنين أردنيين لا يجوز تركهم دون تعليم او علاج، إضافة إلى أن توقيت الإضراب قد يؤدي إلى تداعيات تتجاوز بكثير فكرة الحصول على زيادة مالية، وتصل حد وضع الإضراب امام الوكالة ذاتها، ومجلسها الجديد، وما تتعرض له الوكالة من مؤامرة لتصفية وجودهاـ وهي تعاني عجزا ماليا يصل إلى حدود التسعة وثمانين مليون دولار حاليا.
زيادة الموظفين أمر مهم، ولا أحد ضد زيادتهم، خصوصا، أن هذه الزيادة سيتم تمويلها اذا توفر المال من جانب الجهات المانحة، لكن المشكلة ان ذات الجهات المانحة لا تلتزم بكل ما عليها في الوضع العادي، فكيف يمكن تسويق الإضراب بهذه الطريقة، وفهمه دون سياق عام يرتبط بكل ما تجابهه الوكالة من ظروف مالية وسياسية، خصوصا، ان الخطر على وجود كل الوكالة ما يزال قائما، حتى هذه اللحظة، من جانب جهات عدة ؟.
لا بد من تدخل رسمي في عمان، من اجل ضمان عدم توقف عمل الوكالة في المدارس وغيرها، دون ان يعني ذلك تنازل الموظفين عن زيادتهم المطلوبة، لكننا نتحدث مجددا عن التوقيت، والقدرة على الضغط، واذا ما كان منطقيا أيضا وقف خدمات مليوني لاجئ، من اجل زيادة العاملين، خصوصا، أن الإضراب يأتي أيضا بعد مرور شهرين من بدء العام الدراسي، ويمس خدمات التعليم والصحة والخدمات، وإذا كان الكل لا يعترض على أي زيادة قد يستفيد منها موظف الوكالة خصوصا ان تمويلها سيكون دوليا وليس على حساب الأردن، إلا أن المغامرة هنا تبدو مرتفعة السقف، من حيث النتيجة والتوقعات.
الوصول إلى تسوية هنا امر مهم، واعتبار هذا الملف ليس ملفا أردنيا، او انه ملف بين موظفي الوكالة والأمم المتحدة، اعتبار بائس، فهو ملف أردني بشكل مباشر، لاعتبارات كثيرة، وهنا لا يحرض احد منا ضد المضربين لكن لا بد من حل متدرج ووسط يمنح الموظفين حقوقهم، ولا يسمح بوقوع اضراب في هذا التوقيت قد يؤدي إلى نتائج اكثر خطورة على صعيد كل ملف وكالة الغوث، ورغبة دول كثيرة في هذا العالم بالتخلص من هذا العبء ورميه على اكتاف الدول المستضيفة.
الغد