تعجبني بعض المصطلحات التي تستخدم في هذه الأيام بكثرة، مثل مكاشفة، شفافية، صراحة، موضوعية حيادية، وأستطيع أن أضيف عليها الكثير مثل الإفصاح.
ربما من يكثر من إستخدام هذه المصطلحات إنما يخبئ شيئا لا يريد أن يكشفه لأحد فيتوارى خلف هذه المصطلحات القوية التي تبدد شكوك المستمع بأن المتحدث قد يكذب، على كل حال هذا يدخل في فصول علوم النفس، وأخذ المستمع أو المتلقي الى غرفة أخرى غير تلك التي يجلس فيها أو الى عوالم غير تلك التي يفكر فيها، ليقع أسيرا في دائرة المصطلح قبل أن يلتفت الى مضامين الخطاب.
كذلك الامر بالنسبة لحرف السين وهو يفيد المستقبل، مثل سوف وسنعمل وسنتخذ وسنواصل وغيرها من مصطلحات المستقبل الذي سرعان ما يغيبه النسيان، وهي مصطلحات درج السياسيون على إستخدامها في إطلاق الوعود وهي الخيط الرفيع بين العمل وللاعمل، كأن يقول الخطيب عملنا وقررنا وبدأنا بدلا من صيغ المستقبل.ما أريد أن أقوله هما أن هذه الصيغ من الخطابات الجماهيرية، غير موجودة في قواميس اللغات ما عدا العربية وهي اللغة التي طوعها السياسيون لغايات الإغراق في الوعود وقد ظلت جاذبة لفترة من الوقت الى أن أصبحت منفرة وعنوانا للكذب بمجرد أن يستمع اليها المتلقي فيغلق الراديو أو ينتقل الى محطة تلفزيون أخرى أو يغادر القاعة أو يتلهى بشيء أخر منعا للإزعاج أو تعبيرا عن إحتجاه على بدء الكذب.
الشيء بالشيء يذكر، وقد إستمعت الى خطب كثير من الزعماء السياسيين في عالمنا العربي، ووجدت أنها لم تتغير منذ حقب الخمسينيات والستينيات في المعنى والجوهر وإن طرأ عليها تحديث في المصطلحات تبعا للتطورات ومنها التكنولوجيا الجديدة وغيرها من أدوات العصر.
ما تغير هو المصطلح بينما بقي المعنى على ما هو عليه، حتى رجال الإقتصاد إنتقلت اليهم العدوى إذ يتحدثون عن مشاريع وأعمال المستقبل.
بالعودة الى الشفافية، وهو ترجمة حرفية منقولة من الإنكليزية وتعني المادة الشفافة الواضحة الزجاجية
تستخدم كوسيلة لمحاسبة مسؤلي الحكومة ومكافحة الفساد. فعندما تكون الاجتماعات الحكومية تفتح الباب لأي شخص للحوار والمناقشة ،هي عكس السرية والمواربة والتلاعب بالألفاظ.
أقترح على كل من يريد أن يبدأ خطابه بهذه الكلمة السحرية أن يتحرى بأن ما سيقوله يعني ما يعنيه المصطلح تماما، وإلا فإن الوعود غير المقرونة بالوفاء وبالأفعال هي زجاج إن تكسر ليس من وسيلة لجمعه حتى لو جمعت كل المصطلحات لتكون إطارا أو بروازا له.
الرأي