صفحة من تاريخ الاردن " الحلقة السابعة " د. محمد المناصير
د. محمد المناصير
25-05-2007 03:00 AM
تعرضت منطقة شرقي الأردن لغزو الآشوريين ، حيث كان سرجون الذي حكم في أواسط القرن الثامن والعشرين قبل الميلاد ؛ أول ملك آشوري يزحف بجيوشه نحو الغرب ، فقد وصل إلى سواحل البحر المتوسط ، ولم تكن بعد ذلك أية محاولة لفتح منطقة شرقي البحر المتوسط ومنها بلاد شرقي الأردن ؛ إلى أن اعتلى العرش الآشوري الملك تغلات فلاسر الأول حوالى عام 1120 ق م ، الذي سار بجيوشه إلى سواحل البحر المتوسط ، إلا أن الآراميين تمكنوا من صده في دمشق عام 1050 ق م ، فعاد بجيوشه إلى بلادهم مدحورين ، ولم يحاول ثانية غزو المنطقة إلى أن اعتلى عرش آشور الملك آشور ناصر بال الذي حكم خلال الفترة من 884- 859 ق م ، والذي تمكن من غزو سوريا إلا أن الفينيقيين صدوه بالهدايا والهبات فتركهم وعاد إلى بلاده . وبعد جاء شلمناصر الثاني خلفا للملك الآشوري ناصر بال ؛ سرعان ما غزا سورية ، فجوبه بجيش كبير يزيد تعداده عن خمسة وثمانين ألف هجان من جنود دمشق ، وعشرة آلاف من الرجالة من رجال الملك الآرامي بوح العربي والملك العموني بعشا بن رخاب ، يقودهم جميعا ابن هدد الآرامي ، وكانت المعركة الفاصلة في (قراقر) ، فعاد الملك الآشوري مهزوما إلى عاصمته نينوى ، وبعد أربع سنوات أعاد شلمناصر الكرة للانتقام من ابن هدد وحلفاءه ، إلا انه لم يتمكن من احتلال البلاد ، ثم أرسل الآشوريون حملة أخرى كان نصيبها الفشل .
إلا أن حلف ابن هدد الآرامي تفكك بعد حين ، فاستغل الآشوريون ذلك فغزوا منطقة شرق المتوسط بما فيها بلاد شرقي الأردن ، وتمكنوا من الاستيلاء على المنطقة في زمن الملك فول نراري ابن سماسفول حفيد شلمناصر ، الذي حكم خلال الفترة من 810 – 783 ق م ، وأصبحت سورية وفلسطين وشرقي الأردن تدفع له الجزية .
وعندما تعرضت دولة الآشوريين للضعف ، تمكنت شرقي الأردن وفلسطين وسورية من التحرر من السيطرة الآشورية ، وفي عام 745 ق م ؛ حكم آشور تغلات بلاسر الذي سارع لإعادة احتلال شرقي المتوسط ، فغزا المنطقة واسر أهل جلعاد من بلاد شرقي الأردن وأرسلهم إلى نينوى ، وقد أصاب أهالي شرق المتوسط الخوف من بطش الجيوش الآشورية ، إلا أن أهالي جنوبي شرقي الأردن اخذوا يهاجمون الجيوش الآشورية ، فأرسل الآشوريون ابتداء من عام 715 ق م حملات لإخضاع الثموديين ، في غربي تيماء ، والعبابيد سكان الجبال الواقعة جنوب شرقي العقبة ، وسكان منطقة حسمى قرب وادي رم ، أما منطقة الجوف ؛ فقد خضعت للآشوريين ودفعت ملكتها العربية\" شمس \" الجزية للآشوريين .
وفي عام 705 ق م حكم الملك الآشوري سنحاريب ، إلا أن منافسه على العرش ميروداش شكل حلفا ضم البلاد الخاضعة لآشور في شرقي المتوسط ، وكان منهم ملك صور وملك أدوم وملك بيت عمون وملك مؤاب ورؤساء البدو ومنهم الملكة \" ياتي \" سيدة عربان الجوف ، إلا أن سنحريب تمكن من إخماد الثورة وافشل هذا الحلف سنة 702 ق م .
وفي سنة 679 ق م جرد سنحريب جيشا لتأديب البدو، فتمكن من الانتصار، واسر الملكة \" تلخنونو \" ملكة قيدار في الجوف إلى نينوى . وهكذا كانت شرقي الأردن في نهاية حكم سنحريب تخضع للنفوذ الآشوري ، إلا أن خلفه أسرحدون توجه نحو شرقي المتوسط لإخضاع ثورة ملك صيدا ، ففتح صيدا وهدمها ، ثم دعا ملوك شرقي الأردن وفلسطين وقبرص للاجتماع ، فلبى الدعوة من شرقي الأردن ؛ كموش ملك أدوم ، ومصوري ملك مؤاب ، وبدوئيل ملك بيت عمون ، وكان الاجتماع لترتيب أمر تحالفهم معه ولضمان ولائهم .
وبعد موت الملك الآشوري أسرحدون عام 866 ق م ، ثار العرب مدافعين عن حلفائهم البابليين ، فغزا الآشوريون البلاد واخضعوا البلاد لسلطانهم تماما عام 648 ق م ، وبين عامي 640 – 638 ق م جرد آشور بانيبال جيوشه نحو البادية للمرة التاسعة وهزمهم قرب تدمر .
وقد وكان لكثرة الحروب أثرا في إضعاف آشور ، مما جعلها تستسلم لبابل عام 612 ق م ، فخرج آخر ملوكها إلى حوران ، وتحالف مع المصريين لإعادة ملكه إلا انه لم يتمكن ، وانتهى بذلك عهد آشور .
اللقاء في الحلقة القادمة من صفحة من تاريخ الاردن .