ولد حلف الأطلسي لغرض محدد هو حماية أوروبا الغربية، من التهديد السوفييتي، وتحدد له مسرح عمليات واحد هو أوروبا. هذه المرتكزات اختفت فجأة بانهيار الاتحاد السوفييتي، مما أفقد الحلف مبرر وجوده، فأخذ يبحث عن دور ليس في أوروبا وحدها بل حول العالم.
توسع حلف الأطلسي شرقا على حساب الدول الشيوعية سابقا ليرتفع عدد أعضائه من 16 إلى 28 دولة، لكل منها حق الفيتو على أي قرار، لأن قرارات الحلف تشترط الإجماع، الأمر الذي قد يشل عملية صنع القرارات في بعض الحالات، خاصة وأن الحلف نفسه لا يملك قوات مسلحة خاصة به، بل يعتمد على المساهمات الاختيارية للدول الأعضاء بتقديم القوات حسب الحاجة.
لم يعد الحلف يخدم أمن الدول الأعضاء تجاه الخطر السوفييتي الذي لم يعد له وجود بعد أن أصبحت روسيا دولة صديقة. وإذا كانت أميركا تتمسك بالحلف فلأنه يؤمن لها الهيمنة. والانطباع السائد أن قرارات الحلف تتخذ في بروكسل ولكنها تصنع في أميركا. وقد أصبح المطلوب من أعضاء الحلف أن يحاربوا معارك أميركا بحجة أن الخطر يهدد أمن الجميع.
من أساسيات أي حلف عسكري أن يكون في مواجهة عدو محدد ومعروف. وقد كان الأمر واضحا ومفهوما عندما كان العدو هو الاتحاد السوفييتي، أما اليوم فالعدو المفترض هو الإرهاب الدولي، الذي يخشى أنه الاسم الحركة للإسلام.
يريد الحلف الآن أن يقيم علاقات مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد عقد بالفعل اتفاقية الاتحاد من أجل المتوسط. وهو يسعى للتعاون في الميادين العسكرية والاستخبارية، ولكنه يتهرب من التعاون السياسي، فالقضية من وجهة النظر العربية هي الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يرغب الحلف في بحثه لأسباب معروفة.
بدون تعاون سياسي ودعم أطلسي لعملية سلام عادلة، سيظل التعاون العربي-الأطلسي محدودا، فالجانب الأطلسي يردد :أفغانستان أفغانستان أفغانستان، والجانب العربي يقول: فلسطين فلسطين فلسطين.
يسعى حلف الأطلسي لتحسين صورته في العالم العربي، وقد استضاف لهذا الغرض وفودا من الصحفيين العرب كان آخرها وفـد أردني قوامه 16 صحفيا، ولكن عبثا يحاول إذا لم يقـدم ثمنا سياسيا لما يطلبه ويحصل عليه من تعاون أمني.
الراي.