يوجد في البلاد الإسلامية إسلام بلا مسلمين وفي البلاد الغربية مسلمين بلا إسلام. مقولة سمعناها كثيراً من المسلمين الذين احتكوا بالشعوب الغربية، وهي تُعبيرٌ حضاري أكثر من ما هي تعبير ديني.
الغرب يحمل من القيم الحضارية أكثر من ما يحمل من القيم الدينية؛ فالدين لا يعد منهاج لحياة الشعوب الغربية الليبرالية،خصوصاً بعد أن تمَّ تنحية دور الكنيسة ورجال الدين جانِبا,بعكس الحضارة الإسلامية التي اتخذت من الدين الإسلامي دساتيرها وقوانينها وجعلته منهاجاً لحياة الشُعوب المسلمة، ومن هُنا جاء اللبس.
إن الحضارات لدى الشعوب تقوم على ركنين أساسيين: الركن الأول هو المَدَنية والرُكن الثاني هو القيم الحضارية. أي أنها تقوم على ركن مادي وركن معنوي. الركن المادي يتمثل بالبناء المادي للحضارة كالتطور في تشييد المباني والتقدم في الطب والصناعة والزراعة والتجارة والتقنية وغيرها من المجالات العلمية والمهنية والخدماتية. والركن المعنوي يتمثل في القيم والمباديء والمعاملات؛ كسيادة مبادئ العدالة والحرية والمساواة واحترام حقوق الآخرين وغيرها من الحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية اللصيقة بالشخصية الإنسانية.
عندما نشأت الحضارة الإسلامية قامت على هذان الركنان الأساسيان؛ فالدين الإسلامي يحمل القيم المعنوية ويدعو إلى العلم والمعرفة والعمل والبناء. فنشأ عند المسلمين ما يُسمى بالحضارة الإسلامية وعندما انهار الركن المادي والمعنوي للحضارة الإسلامية بقي الدين الذي أُخِذتْ واستُمِدتْ منه القيم المعنوية والمادية للحضارة الإسلامية؛ لأن الدين سماوي أما الحضارة فهي أرضية والحضارات آيلة إلى السقوط أو الزوال كحضارة المايا والفراعنة، والحضارة السومرية وغيرها من الحضارات السابقة.
أما الدين الإسلامي فهو قائم إلى آخر الزمان، بِعِزِ عزيز أو بِذُلِ ذليل,
والقرآن الكريم باقٍ بيننا إلى أن يشاء الله و يرفعه.