الناتو .. حلف يبحث عن هوية ؟؟
رجا طلب
23-11-2009 03:12 AM
على مدى يومين ناقش وفد الكتاب المدعوين من حلف الناتو في مقر الحلف في بروكسل كافة القضايا التى تتعلق بسياسات الحلف وتصوراته ونظرته لنفسه ولدوره الجديد بعد انهيار الحلف المضاد له حلف وارسو ، وقد كان واضحا من خلال التصورات التى عرضها المسؤولون في الحلف ان الناتو وبعد 19 عاما من انهيار الشيوعية وسقوط حائط برلين يبحث عن هوية جديدة لا تقوم على صناعة او استحضار عدو عسكري جديد ولا تستند الى القوة العسكرية فقط بل الى دور سياسي ما ، وهي مقاربة لم يستطع المسؤولون في الحلف اقناع الوفد الاردني بها ، خاصة عندما يتحدث هؤلاء المسؤولون عن ان الحلف ليس حلفا عسكريا بل هو حلف عسكري بدور سياسي ، حيث كان السؤال اين هو هذا الدور واذا كان موجودا فان اولى مكان له هو الشرق الاوسط وتحديدا القضية الفلسطينية والنزاع الفلسطيني ؟ الاسرائيلي .
لم يوفق مسؤولو الناتو في تبرير تجاهلهم للموضوع الفلسطيني تحت غطاء حجة مضحكة وهي ان احدا لم يدعونا للتدخل ، وعندما يقال لهم اذا دعيتم لمثل هذا التدخل هل ستتدخلون ؟ يكون الجواب جاهزا :( ندرس ذلك ونقرر لان القرار داخل الناتو بين الثماني والعشرين دولة هو بالاجماع ) .
اي بمعنى اخر ان لا قرار سيتخذ بحكم التباين السياسي المتوقع بين الدول الاعضاء في الحلف والامثلة على ذلك كثيرة مثل التباين بين تركيا واميركا حيال العديد من القضايا المعني بها الناتو او بريطانيا وفرنسا .
وبالمحصلة فان الهوية الجديدة التى يحاول الحلف الاطلسي صناعتها لنفسه مازالت هوية ملتبسة وغير ناضجة ولم تتبلور بصورة واضحة وهي حالة في تقديري تصب بصورة كبيرة في مصلحة العضو المهيمن في الناتو الا وهي الولايات المتحدة الاميركية التى كانت وراء فكرة بقاء هذا الحلف بعد انهيار حلف وارسو واصرت على بقائه ، فواشنطن توظف الحلف بحالته الراهنة توظيفا ذكيا وتستثمره عندما يكون هناك قابلية لاستثماره فهو واحد من ادواتها العسكرية ، فواشنطن عندما تريد تغطية سلوكها العسكري بما تسميه بالشرعية الدولية تحاول استغلال حلقة مجلس الامن ، واذا فشلت تلجا الى الحلقة الثانية الا وهي الناتو واذا فشلت في الناتو تقوم ببناء تحالف من داخل الحلف ومن خارجه كما جرى في احتلال العراق ، فالناتو اضحى عمليا بعجزه السياسي وتثاقل حركته العسكرية وتباطؤها وغياب نظرية امن واضحة له ، اداة للسياسة الاميركية العسكرية تحركها كيفما تريد كما حدث في البلقان في الحرب ضد الصرب و في افغانستان في الحرب ضد طالبان والقاعدة .
ورغم كل ما سبق لا يعني ذلك ابدا ان ندير الظهر لمثل هذا الحلف الاقوى والاكبر في العالم ، فنحن في الاردن كما بقية دول الاعتدال في العالم العربي معنيون بتعزيز العلاقة مع هذا الحلف في اطار من الحوار والتفاعل لتعزيز هوية الحلف السياسية باتجاه يخدم مصالحنا ومصالحه ( لابد من الاشارة الى العلاقات المتميزة بيننا وبين الحلف و الاتحاد الاوروبي والتى يعود الفضل فيها بصورة رئيسية الى نشاط السفير احمد المساعدة التى اتضح لنا حجم الاحترام والتقدير الذي يحظى به لدى قادة الحلف والاتحاد الاوروبي وحجم الجهد الذي يبذله خدمة للاردن ومصالحه لدى هاتين المنظمتين ) .
، فتجاهلنا او تقاعسنا كعرب في تعزيز العلاقة مع الناتو سيكون من مصلحة اسرائيل التى تنشط بكل طاقتها لخلق حالة من التباعد بين الناتو والعرب .
rajatalab@hotmail.com
الراي.