مع أفول الحضور المصري والعربي بعد هزيمة 1967 انحصر التنافس على الدور الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط بين الدول الثلاث ايران وتركيا واسرائيل .
ايران ومنذ حكم الشاه صنعت دورها الاقليمي بثروتها النفطيه التي هيأت لها قوة اقتصادية وعسكرية يحسب لها حساب ، وما زالت حتى اليوم في عهد جمهورية ايران الاسلامية ماضية على ذات النهج منافساً قوياً في الاقليم .
تركيا تقيم دورها على نظام سياسي ديمقراطي علماني ، ونظرة إلى اوروبا والغرب الذي مكنها من عضوية حلف الناتو التي هيأت لها قوة وحماية عسكريتين عززتا دورها الاقليمي .
اسرائيل من جهتها بنت دورها على قاعدة الدعم السياسي والمادي الغربي والامريكي بشكل خاص ما فتح لها باباً واسعاً على اكتساب قوة اقتصادية وعسكرية وعلمية مؤثره تسند سياساتها وطموحاتها التوسعيه.
انتهينا اليوم إلى ان مصر منشغلة باقتصادها المتهالك ومواجهة الارهاب الذي ترعاه جهات اقليمية ودوليه . ودول الخليج العربيه تعتمد بشكل شبه كامل على عائدات نفطها دون تنويع لاقتصادياتها كما لم تستغل ثروتها المالية النفطية في بناء قوة عسكرية يعتد بها ، وقد بات مجلس التعاون الخليجي في مهب الريح ، وهو منشغل تماماً بحرب اليمن .
الدول العربية التي تسمت بالتقدمية اخفقت انظمتها في امتلاك مشروعٍ وطني لبناء الدولة الديمقراطيه واستبدلته بنوايا طيبه مشبعه بشعارات الوحده والحريه والاشتراكيه التي اخفقت فيها جميعاً وتعاني اليوم من احتلالات اقليميه ودوليه .
اسرائيل ما زالت تحوز على دعم امريكي مطلق ، وتقيم اقتصاداً متنوعاً ، ونهضة علميه ، وفي طريقها لتصبح دولة نفط وغاز ، وتحافظ على تفوقها العسكري ، وتتوسع على ارض فلسطين التاريخيه يوما بعد يوم وترهب جيرانها بسياساتها التوسعيه .
ايران تواصل بناء قدرتها التنافسية ونشر نفوذها باستخدام ثروتها النفطية وصبغتها المذهبية لتتمدد في عدة دول عربية وتنتزع حضوراً اضافياً بالوصول إلى حدود اسرائيل .
ومع احتلالها عربستان والجزر الاماراتيه تهيمن اليوم على العراق وسوريا ولبنان واليمن .
تركيا في مشروعها الاقليمي تستثمر الى الحد الاقصى موقعها الاستراتيجي وثروتها المائيه وتنوع وقوة اقتصادها وقوتها العسكرية لاحياء الروح العثمانيه ، وتسعى لأخونة مصر وسوريا ، ولإضافة اجزاء من سوريا فوق لواء اسكندرون الذي تحتله منذ عام 1939 .
لعقدين او ثلاثة سوف يبقى الحضور العربي الاقليمي غائباً وليس ممكناً الى حينه التنبؤ بما قد يطرأ من مستجدات لصالح الدول العربيه لكنه يمكن التنبؤ بما هو ليس لصالحها .