الخيارات الفلسطينية والقلق الأردني المطلوب
د. محمد أبو رمان
22-11-2009 04:27 AM
كما كان متوقعاً صرّح الرئيس عباس بعدم المضي قدماً في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في نهاية يناير المقبل، في حال أصرّت حماس على رفض الورقة المصرية بصيغتها الحالية.
أحسب أنّ القيمة الرئيسة لإعلان عباس سابقاً بعدم نيته الترشّح أنّه مثّل نقطة انعطاف جدية في التفكير الفلسطيني باتجاه دراسة الخيارات الممكنة مع انسداد آفاق التسوية، وخيبة الأمل من تراجع الموقف الأميركي أمام الإسرائيليين.
يمكن اختصار الخيارات الفلسطينية الرئيسة المطروحة بثلاثة، الأول هو إعلان الدولة من طرف واحد.
والثاني ويمثل الورقة الأخيرة اللجوء إلى حلّ السلطة وجرّ إسرائيل إلى المربع الأول مرة أخرى، ويتعزز هذان الخياران بثالث يمكن أن يشكل ورقة موازية لاستعادة النضالية الأخلاقية والوطنية الفلسطينية، ألا وهو "ثورة فلسطينية مدنية سلمية"، على غرار ما يجري في قرية بلعين ضد الجدار العنصري.
خيار إعلان الدولة من طرف واحد لا يلقى ترحيباً أوروبياً، وفق مصادر مطلعة، إذ يفضل الأوروبيون التريث، كما أنّ إسرائيل هدّدت بإلغاء اتفاق أوسلو، واتخاذ خطوات أحادية، ومن ضمنها الانسحاب أحادي الجانب من مدن في الضفة، وفرض سياسات الأمر الواقع في الاستيطان والقدس.
فيما يرى رئيس الوزراء السابق، د. معروف البخيت، أنّ "إعلان الدولة من طرف واحد" لا يخدم المصالح الأردنية، إذ إنّه يتجاوز قضية اللاجئين والحل الشامل العادل، ويدفع نحو سيناريو الأمر الواقع، مع مرور الوقت، ولن يكون إلاّ على حساب الأردن.
لذلك، يفضل تيار سياسي فلسطيني وأردني استئناف مقاربة سلام فيّاض في بناء المؤسسات الفلسطينية، وإقامة الدولة ذاتياً خلال عامين، وهو طرح يثير، أيضاً، أسئلة عاصفة، ومهدد بالانهيار في حال تدهورت الأوضاع الأمنية في الضفة.
الملاحظة الرئيسة المهمة أنّ أي تفكير فلسطيني في البدائل والخيارات لن ينجح إلاّ بتوافر شرطين، الأول "ترتيب البيت الفلسطيني"، كي لا تحدث فوضى أمنية وسياسية مستقبلاً، ما سيؤدي إلى أضرار استراتيجية أكبر، والثاني تنسيق عربي عالي المستوى لدعم هذه الخطوات محلياً وإقليمياً ودولياً.
هنا، في عمّان علينا أن نشعر بالقلق الجدي، إذ إنّ هذه الخيارات والبدائل وردود الفعل الإسرائيلية المتوقعة، جميعها تدخل في النطاق الرئيس الضيّق لأمننا الوطني ولمصالحنا الحيوية، بخاصة إذا ما تصوّرنا حدوث خلل كبير في الضفة الغربية، إما من خلال فوضى أمنية واقتتال أو سياسات أحادية الجانب من الطرف الإسرائيلي، أو تفاهمات من تحت الطاولة بين أطراف أميركية وإسرائيلية وفلسطينية.
أحيل هنا إلى مقال نشر مؤخراً في المجلة الأميركية نيويورك ريفيو أوف بوكس لكل من روبرت مالي وحسين آغا المقربين من إدارة الرئيس أوباما.
أخطر ما في المقال أن كاتبيه يدعوان إلى ترتيبات أمنية مرحلية بين إسرائيل والفلسطينيين ويستصعبان حلاّ شاملاً، ويؤكدان على أهمية قيام الأردن بدور أمني خلال هذه الفترة.
الرفض الأردني ما يزال واضحاً وصريحاً لأي دور أمني أو سياسي في الضفة الغربية، لكن ذلك يقتضي أيضاً تحضيراً ودراسة وتنسيقاً مع الفلسطينين والعرب، لصوغ البدائل والخيارات، وفي مقدمتها إحياء النضالية الفلسطينية والثورة المدنية السلمية.
m.aburumman@alghad.jo