من هو القاضي الطبيعي الذي يجب أن يحاكم المتهم أمامه؟
أ. د. كامل السعيد
19-10-2019 01:43 PM
إجابة على سؤال وردني بهذا الخصوص من قبل احد المحامين الزملاء, أقول , بان محاكمة المتهم أمام القاضي الطبيعي هو من مبادئ المحاكمة العادلة أو المنصفة التي تقرها الشرائع والقوانين الدولية بالإضافة إلى العديد من النظم القانونية في دول عديدة.
ومؤدي المحاكمة العادلة, أن يعطي في النهاية كل ذي حق حقه من المشتكين والمشتكى عليهم, وحق المتهم في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي يستلزم:
اولا: أن يحاكم اولا أمام القضاء, فلا يختص بالنظر في الدعوى الجزائية والحكم فيها بالإدانة أو البراءة الا القضاء الجزائي دون اي سلطة أخرى من سلطات الدولة وذلك تطبيقا لمبدأ فصل السلطات التي تقره دساتير دول العالم المتمدين.
وقد نص الدستور الأردني على مبدأ فصل السلطات في المواد (25) و(26) و(27) منه.
وبناء عليه, فانه لا يجوز أن يقدم المتهم إلى هيئة إدارية أو هيئة ذات تشكيل قضائي إداري مختلط لكي يفصل في الدعوى الجزائية المقامة ضده.
وعلة اشتراط محاكمة المتهم أمام القضاء المختص أن القاضي في المجتمع الحديث, هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يوثق به في حرصه على الحريات العامة والعدالة الجزائية والتزامه بالحيدة التامة في إصدار أحكامه.
ولهذا قد حرص الدستور الأردني على استقلال القضاء واستقلال القاضي فمبدأ استقلال القضاء منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 101/1 من الدستور في قولها "المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شئونها" في حين نصت على مبدأ استقلال القضاه المادة (97) منه في قولها "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون".
ثانيا: يستلزم حق المتهم في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي, حقه في أن يحاكم أمام القضاء الجزائي المختص بهذه المحاكمة وقت ارتكاب جريمته أو المحكمة الجزائية المختصة وقت ارتكاب جريمته.
ويعني ذلك, أن المحكمة لا تكون مختصة إذا لم تكن موجودة وقت ارتكاب الجريمة وإنما ئُنشِأَت فيما بعد, أو أنها كانت موجودة ولكنها غير مختصة عند ارتكابها, ولكن أحيل اليها اختصاص النظر فيها بعد أن تم ارتكابها.
كما أنها لا تكون مختصة الا إذا توافرت فيها شروط الاختصاص الثلاثة مجتمعة, وهي الاختصاصات المكانية والنوعية والشخصية.
ويعني ذلك أن القضاء الطبيعي يستلزم وجوب الاحتكام دائما إلى القضاء النظامي العام الذي يختص بجميع الجرائم ويشمل اختصاصه جميع الجرائم.
وعليه, فانه يمكننا القول بان القضاء الجزائي الطبيعي لدينا, يتمثل فقط في المحاكم الجزائية النظامية التي تمارس القضاء في المواد الجزائية بمقتضى القوانين النافذة في المملكة تطبيقا للمادتين (102) و(103/1) من الدستور وليست المحاكم الاستثنائية أو المحاكم الخاصة.