مما أعتز به في مسيرتي العلمية العملية أنني أمضيت العام الجامعي المنصرم باحثا زائرا (Visiting Scholar) في جامعة ستانفورد (Stanford University) المصنفة ثانيا عالميا.
وكثيرة هي التفاصيل التي تثير إعجاب من يحظى بالعلم أو العمل في تلك الجامعة، لكن أكثر ما استرعى انتباهي وبشكل جَلي هو التكامل بين هذه الجامعة العملاقة والقطاع الخاص داخل الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها، من ذلك الأمور الآتية:
أولا: المِنح البحثية التي يقدمها القطاع الخاص لحل مشكلة تواجهه سواء في الإنتاج أو الإدارة أو التسويق، وفي كافة المجالات الصناعية والزراعية والغذائية والدوائية والسياحية والخدمية وغيرها. وفي كل الأحوال لا تنتظر الجامعة القطاع الخاص أن يحضر إليها بل تبادر هي للتواصل معه, وتوظف كادرا متخصصا لتحقيق ذلك.
ثانيا: تَبَنّي القطاع الخاص المشاريع الريادية والخلاقة، وتسجيلها وتسويقها، وأبرز أمثلة ذلك برنامج غوغل «Google» المعروف، الذي ولد من رَحم جامعة ستانفورد.
ثالثا: التبرعات والوقفيات من مؤسسات وأفراد من داخل الولايات وخارجها مثل التبرعات العينية من مؤسسة لي كا شنغ (Li Ka Shing)، وحتى تستقطب الجامعة هذه الوقفيات، وتجذب التبرعات أنشأت اقساما متخصصة، ودربت مجموعات من العاملين لتنفيذ هذه المهمة.
رابعا:إنشاء مراكز بحثية مميزة مهمتها حل المشاكل التي تواجه القطاع الخاص، مثل مركز كلارك (James H Clarck Center) والذي يتخصص في دراسة مسائل في علم الاحياء واستخدام تقنيات المعلومات وغيرها من العلوم.
وبالرجوع إلى بلدنا، هل هنالك آفاق محلية لاستثمار مثل هذه الرُّؤى أردنيا؟
الجواب.. نعم وبالتأكيد.
فهنالك نوافذ للتعاون بين الجامعات والقطاع الخاص كما هو الشأن في مركز حمدي منكو للبحوث العلمية في الجامعة الأردنية، ومبنى مجمع الكليات الطبية المنشَأ بتبرع من سمير شما، وهناك أمثلة أخرى تثبت أنه ما زال الخير في بلدنا، لكنها أمثلة قليلة لا ترقى إلى مستوى ظاهرة تكوّن اتجاها لدى القطاع الخاص يتبلور في دعم الجامعة له ودعمه لها, في مجالات الاستثمار والطاقة والمياه والزراعة والدراسات الدوائية والسياحية والسياحة العلاجية وغيرها.
أخيرا فإن قيادتنا السياسية تدعم هذا التوجه والتفاعل بين القطاعين العام والخاص لأهميته ولمزاياه التطويرية والاقتصادية والتنموية, وهذا ما أكده جلالة الملك حديثا في لقائه مع قيادات من القطاع الخاص، وفي أثناء حديثه لضباط كليتي القيادة والأركان الملكية الأردنية, والدفاع الوطني الملكية الاردنية ...
إذاً فلنبدأ... ولنبدأ الآن فالتعلم والتعليم بحاجة إلى تضافر جميع الجهود كُلَّ آن في عصر التسارع المعرفي.
أستاذ كلية الطب - الجامعة الأردنية
الرأي