سكان الانترنت الاردنيون والحرية
المهندس مؤيد الحياري
19-10-2019 04:24 AM
ان ما يقود الانسان في هذا العالم المقترب من بعضه والذي اصبح كقرية صغيرة ، هو الوعي والاطلاع والمعرفة التي انضجت عقله و غيرت تفكيرة في هذا الزمان بحيث انتجت منه حاجته في ان يكون مؤثرا لا فقط متأثرا بما يعترضه من احوال واهوال.
فالواقع الافتراضي والفضاء الالكتروني الرحب الذي هيمن على حياتنا و بكل ما يحمل من اعصار الافكار والاخبار والتحليل و الاستنتاج وسهولة التنقل بين عوالم متنوعة ساهمت في بناء كينونة جديدة من البشر فلم يعد احد يستحوذ على المعرفة المتناثرة او ان يختزل الرأي برواية غير محكمه او ان يروج لفكرة غثة لا تنطلي على دهاء التحليل والمنطقية لدى الفرد علاوة على المجتمع.
نحن اليوم امام تكوين متسارع من الفهم والادراك ممزوجا بالحرية و تخطي المدارك والحواجز ، فكثرت منابع التزويد حتى افرطت في العطاء فزادت مساحات الفرد لذا زادت حدة الطباع وعلا صوت التعبير والتفكير، ها هنا شكل جديد من اشكال التغير في المدارك والعقول تفوقت سلطة الفرد على نفسه وكسرت قيوده فاصبح لزاما ان تتغير من حوله ادوات الفهم والتفهم فيمن يتولون ادارة شأنه بطرق تتماشى مع التشكل الجديد.
وانني ابدأ من حيث انتهى اليه التحديث الاخير على كينونة الانسان المعاصر قبل الانترنت وبعده ، فسكان الانترنت يعيشون واقعا افتراضيا بجانب الواقع الحقيقي جعلتهم يتفوقون في عشرة اعوام على جميع دراسات علوم الاجتماع والنفس و التكوين في مئات السنين والتي لم تسطع مواكبه هذا التغير الجذري والتسارع والانفتاح في حاجات السلوك والمشاعر والتي لا حكم فيها الان الا لسلطة الذات .
فأمام هذا التساوي بالحريه قبالة الانترنت والتي هي مفقودة في الواقع الحقيقي جعلت فراغا كبيرا وفجوات عميقه بينهما تجاه هذا الغزو العنكبوتي من كل الانحاء.
لذلك لا اجد اليوم حاجة اكبر في التعاطي مع المشكلات و الاحتياجات الحالية و المستقبليه للافراد والمجتمعات من حاجة الانصات و المحاورة والحوار واستبدال ادوات العصر لانسان ما قبل الانترنت وما بعدة بحكمة وحنكة لا تعتمد المواربة و المراوغه كضرورة ملحة لان ما يحكم ويتحكم بالعقل المعاصر هو الاقناع والاقتناع بشكل مستدام.
تبدأ بالمكاشفة والمصارحة وبيان حقيقة الاشياء والسياسات و تتفهم اللغة الجديدة التي يتحدثها الجيل الجديد تلبي احتياجاته وتتلمس توقعاته حتى لا تضل البوصله في فوضى التذاكي ولعب الوقت ، فما تخفية الحلقات الرسميه يتفلت من بين الاروقه فتراه كوميديا ساخرة على التواصل الاجتماعي فتتسع الاتهاميه وينفرط عقد السرية ، وهنا اقول لمن كان يعول على الذاكرة المؤقته في الذهنية المجتمعيه والتي يركن إليها الساسه في لعب الوقت فأنها اليوم تعود لتظهر بكبسة زر للعلن والتداول .