الثابت والمتحول في خطاب الاستقلال
ممدوح ابودلهوم
24-05-2007 03:00 AM
[ أعترف أولاً بأن هذا العنوان الذي يعتلي هذه السطور الندية المتواضعة ، هو عنوان عريض لفعل عظيم تستحق حروفه أن يسطرها الرجال بمداد من شمس واستقلال ، تخذتهُ عن سابق عمد نشمويٍّ كي يتناسب ثانياً وألق المناسبة وفرح أهلها الميامين ، فماذا ترون ، يا أهل ُ، غيره شريطة أن يكون بقامته عنواناً ، يستوي شروقاً أو مشعلاً ينير دروب حديث الاستقلال الدفيء ويومه الأغرّ هذا ، عن حلقات باسلة في سلسلة نابغيّة تروي عن وشيجة التوأمة المقدسة ، بين أردن الاستقلال الأشم وهواشم فعله العظيم ، وأنموذج هذه التوأمة الخالد نقرأه في إهاب مبتدأ الفعل الهاشمي ، وخبر منجزه الإستقلالي في الأردنيين والعرب العرب الطيبين ، عبر احتشادات يقظوية الخطو نهضوية الخط نحتفي اليوم بالعام الأول من عقدها السابع المجيد ، احتشادات أردنية هاشمية هي يعربية الهوى والهوية حضارية الوسيلة والغاية نحو مآلها الكريم ، قوامها مذ كانت بعد التأسيس في العهد الأول والدستور في الثاني ، هو البناء في الثالث وتعزيز ذلك كله تراكمياً ، بمواصلة البناء عليه إبداعاً فذاً وخلقاً عبقرياً في العهد العبدلي الرابع الميمون ، نحو إعراب جملة هذا الفعل الأردنية الهاشمية كنهج حكم وخطاب مسيرة .وأعترف ثالثاً بأن هذا العنوان هو دعوة مفتوحة وصريحة ، بين أيدي المعنيين من ذوي الشأن أصحاب العلم وأهل القلم ، لقدح زناد العقل وشحذ همم التأليف ، والتنادي لورش عمل وعصف فكري بغية تدوين الاستقلال ، ونحن هنا بهذه الدعوة لا نقلل من شأن ما أبدعه أهل الفضل من الأُلى السابقين في ميدان التأليف الإستقلالي ، لكننا نطلب المزيد وبخاصة في ضوء التساجل بين المتحول والثابت ، وتحديداً في هذه الحقبة العبدلية أي منذ بدايات العهد الهاشمي الرابع الميمون حتى اليوم ، إذ لن يعدموا الوسيلة لتحقيق الفوز بشرف هذه البراءة ، مع التنويه بأنهم قد يختاروا ما هو أدلّ وأعمق وأجمل من هذا العنوان المتواضع .
زبدة ما تتغيّاه دعوتي أعلاه – ونحن ما زلنا بين يدي حديث الاستقلال ، هو أن الأردن قد شهد وما يزال في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني الكثير من المتغيرات الإقليمية والدولية ، ففضلاً عن ميراث الأزمات العربية ونقطتها المركزية قضية فلسطين منذ ما قبل منتصف القرن الماضي ، وهي جملة من المتحولات باتت من أسف من الثوابت الضاربة الجذور ، خلّفت تبعات مفخخة كان للأردن منها نصيبه الأكبر ، ليس لكونه فقط لا يعيش في معزل عما يجري حوله عربياً إقليمياً وعالمياً ، بل وأيضاً ولمسوغات فرضتها أسئلة الجغرافيا والديمغرافيا ناهيك بالمسؤولية التاريخية القومية والدينية ، جاءت قضية فلسطين وكانت متحولاً أصبح ثابتاً في شرايين مستقبل المصير الأردني ، ولو من باب استيعابه للاجئين بعد النكبة عام 1948، ثم وبعد احتلال الضفة الغربية استوعب النازحين عام 1967، و على مشارف القرن الجديد مع بدايات العهد العبدلي بدأ الأردن مع العالم ، يشهد متحولات من لون آخر أولها وأهمها الإرهاب ، ويؤرخ لبداياته منذ أحداث 11أيلول في نيويورك وواشنطن .
من هنا .. ولعلي ما أطلت ، تستوي الدعوة آنفاً مطلباً مبرراً ومشروعاً ، كواجب وطني له استحقاقاته في أعناقنا نحو الأجيال القادمة ، وكي ننأى عن التنظير مما لا تحتمله مقالة إحتفائية عجلى كهذه ، نبادر إلى البوح بأنه آن لنا أن نفخر في الأردن ، بانتصاراتنا على الإرهاب برموزه من الظلاميين وتلامذته من الخائبين ، فكحصاد لغرس الاستقلال رأينا كيف أن جند عبد الله من المخابرات العامة فرسان الحق الغيارى ، قد أفشلوا غير مخطط إرهابي كاد لولا تقادير الله ، أن يفتك بالأرواح والممتلكات وينال من أمن الوطن وأمان المواطن ، ومثال ثانٍ يقف الشعر عجوزاً أمام بهاءاته في القوات المسلحة بكافة صنوفها وتشكيلاتها الباسلة ، فها نحن فيهم جزء من قوات حفظ السلام في غير بقعة موتورة على هذا الكوكب ، ويلثمون جراح الأشقاء والأصدقاء ويقدمون الدواء بل والغذاء أيضاً ، عبر مستشفيات الميدان العسكرية في أكثر من قطر عربي وصديق ، والنموذج الثالث يضربه فرسان الأمن العام العيون الساهرة ، على هدأة هذا الحمى الغالي عبر نمذجة التوأمة بين اليقظة والتحديث ، أما الحصاد الرابع فيتبلور باسلاً باهراً بنشامى الدفاع المدني سواعد الإنقاذ الأشاوس ، فها هم اليوم يمزجون بين العمل والعلم عبر أكاديمية الدفاع المدني الملكية ، التي تمنح درجة البكالوريوس في علوم الدفاع المدني ، لا بل وشأن الأمن العام بتنا نرى في الدفاع المدني أيضاً حرائر ونشميات الأردن ، يشاركن إخوانهن الجنود في دورهن كشقائق الرجال ، وأمس الأول ينداح الفرح مثل زغرودة نشمية ، في نموذج خامس يرفع الهامات شموخاً يعانق السماء ، قرأناه في عينيّ جلالة قائد الركب المفدى وهو يسلم مروحيات لنشامى العمليات الخاصة ، إلى غير ذلك من حصاد وافر لغرس غامر ، هو غيض ماجد الصدى من فيض ضارب الجذور في عمق الاستقلال العظيم ، إن هي إلا مجرد أمثلة تنهل من معين نشموي لا ينضب إبداعاً إنعتاقوياً بامتياز وإرادة عزموية بإطلاق .
أختم .. اختصاراً لا خلوصاً – فحديث الاستقلال ليس فقط حديثاً مونقاً ريّانَ شائقاً ، بل واجباً وطنياً في المقام الأول ، إذ ماذا عن أرتال الشباب من فرسان التغيير ، والذين وضع جلالة الملك أمام عرباتهم الحفزوية جياده المحجلة نحو المستقبل ؟، والتعليم ، والمرأة ، والطفل ، والاقتصاد ، والبرلمان ، والبلديات ، والثقافة ، والإعلام ، و الأمانة ، والتكنولوجيا ، وقوافل الخير الهاشمية ، ومبادرات السلام ، ودراسات المستقبل ، وما بعد المؤتمر الثالث للنوبليين في بتراء الأنباط وعراقة التاريخ ، والمناطق التنموية الاقتصادية في المفرق واربد والبقية تأتي ، وورشات الإبداع الفذ ، وملتقيات الإنجاز النابضة الحية على شواطئ البحر الميت الدفيئة ؟، وماذا وماذا وماذا .. فأقنوم واحد من هذه الأقانيم الحيوية المحورية ، يحتاج لوحده في ظل دوحة الاستقلال الهاشمية الباسقة ، أكثر من مؤَلَفٍ لا مجرد مؤَلَف واحد أو مقالة كهذه في صحيفة سيارة ، ومهما يكن .. فإن سبحة الفعل الإنعتاقوي ، ما زالت تجرُّ و ستبقى ما بقيت الخيل مطهمة نحو الفوز العظيم ، و ..كل عام ، وأردن الهواشم الأشم ومليكه المفدى وشعبه العظيم في العرب العرب الأكرمين ، بألف خير ، ولنا ، يا أهلُ ، حقاً وحتماً ، فرحة الاستقلال ، ولشهدائنا الأبرار المجد والخلود في جنات وعيون .]
Abudalhoum_m@yahoo.com