الانتخابات التونسية والتجربة الأردنية
رمضان رواشدة
17-10-2019 12:32 AM
حقق الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد فوزا كبيراً على منافسيه في الدورة الاولى وتوجها بالفوز الكبير في الدورة الثانية على المرشح نبيل القروي رجل الاعمال الغني المدعوم من دول عربية وقام بصرف ملايين الدولارات على حملته الانتخابية في حين ان سعيّد موّل حملته الناس البسطاء الذين التفوا حول خطابه غير المعهود.
تجلى الأمر بخطاب سعيّد غير التقليدي والذي يعيدنا إلى زمن القومية العربية في ستينيات القرن الماضي فهو كان يتحدث باللغة العربية الفصيحة ورفض التحدث باللهجة التونسية كما أنه حيّا فلسطين في خطاباته ورفع علمها الى جانب العلم التونسي واكد مناهضته للتطبيع مع اليهود واعلن انتهاء «عهد الوصاية» وان العهد الحالي مختلف كثيرا ولن يكون تابعا لاي دولة. وعندما انتقد السفير الفرنسي سعيّد بانه لا يعرف السياسة قال له «اما ان تقعد في سفارتك او تخبر وزير الداخلية عن تحركاتك خارج العاصمة».
انحاز الناخب العربي التونسي الى خيار الوطنية العروبية ولم ينحز الى المال السياسي الاسود رغم ملايين الدولارات التي صرفها القروي، وهذا يثبت انه في الوقت الذي يعطى فيه الناخب العربي حرية القرار بانتخابات نزيهة فانه سينحاز الى الوطنيين والمؤمنين بالعروبة وليس الى المال الاسود والرشاوى السياسية والوعود الكاذبة.
في حالتنا الأردنية ونحن مقبلون على انتخابات نيابية في منتصف العام القادم فان الوضع قريب جدا اذا اتيح للناخب خيارات وطنية وان الاعلان منذ الآن ان الكتلة الاكبر التي ستتشكل في المجلس النيابي القادم سترشح مرشحها لتشكيل حكومة برلمانية فإنني على ثقة ان كثيرا من المخلصين للوطن والعروبيين والوطنيين والحزبيين والنشطاء الفاعلين سيترشحون في هذه الانتخابات وعندها سيتراجع ضغط الوعود الانتخابية الكاذبة والمال السياسي الاسود الذي افرز المقاولين واصحاب العطاءات بدلا من الماسكين على جمر الوطن والوطنية.
يضاف الى ذلك تعديل قانون الانتخاب بحيث يتم تغليظ العقوبات على استخدام المال السياسي الاسود والرشاوى والوعود بالمناصب وغيرها من اساليب انتخابية ملتوية فاننا سنكون امام خيارات جديدة بحيث تفضي الانتخابات الى تشكيل حكومة برلمانية كما تحدث عنها جلالة الملك في اوراقه النقاشية وفي اكثر من لقاء مع النخب والمهتمين.
الناخب العربي والاردني خصوصا ليس مستلبا لاصحاب النفوذ كما يدعي البعض وانما هو منحاز الى الوطن ولكن وبسبب من قانون الانتخاب واجراءات الهيئة المستقلة للانتخاب القاصرة عن محاربة المال الأسود رأينا في المجالس الأخيرة تغول أصحاب النفوذ المالي على غيرهم من الوطنيين الذين دخلوا المجالس، على قلتهم، وهم من يدافع الآن عن قوت المواطن وهمومه المحلية الوطنية والعربية القومية.
آن الآوان لاعلان صريح من الدولة الاردنية يؤكد أن الانتخابات النيابية القادمة ستكون مقدمة لولوج نمط جديد من الحكومات ينهي الوضع القائم على أن يترك للمواطن حرية الاختيار بعيدا عن الضغوط والممارسات المالية التي يجب محاربتها قانونيا.
الرأي