قلت لصاحب أحد المكتبات: أريد كتاب مذكرات الملك طلال. أجابني بهدوء أكثر هدوءا من هدوء ما قبل العاصفة: الكتاب ممنوع.
وهبت العاصفة! عاصفة من الأسئلة.
وأول سؤال لمعالي "الممنوع": لماذا تمنع هذا الكتاب؟ وثاني سؤال: هل تعلم أن الكتاب نفسه موجود على الشبكة العنكبوتية؟ وثالث سؤال: حتام سيبقى تاريخي أسير النظرة الأحادية رسمية كانت أم غير رسمية؟
من حقي أيها "الممنوع" كمواطن أردني أن أنظر في تاريخي كما تنظر إليه كل النظرات بدون إستثناء: الرسمية منها، وغير الرسمية. وأترك لي حينها أحتكم إلى عقلي، أنظر به نظرة رسمية تارة، ونظرة غير رسمية طورا، فأتصور التاريخ حينها في أقرب مجرى له من "الحقيقة".
أتريد حقا يا معالي "الممنوع" بناء جسر من الثقة بين المواطن والمسؤول؟
حسنا، إبدأ بمصالحة التاريخ!
شكل لجنة من مجموعة من أساتذة التاريخ بمختلف أطيافهم السياسية وإنتماءاتهم الدينية وأنساب أعراقهم، لينسجوا معا نسيج التاريخ بكل ألوان "الحقيقة".
وهذا التاريخ فقط، تاريخ اللجنة المؤلفة أعضاؤها من شتى المنابت الفكرية والأصول الأيديولوجية، مطلوب تدريسه في المدارس! أما التاريخ الناتج إسقاطا من نظرة أحادية بغض النظر عن صاحب النظرة هذه، فاحذف كتبه، والغ مناهجه، لأنه يهدم جسر الثقة بين المواطن والمسؤول!
.
"الشمس بتتغطاش بغربال" يا معالي "الممنوع"!
وأزيدك من الشعر بيتا:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا، وبأتيك بالأخبار من لم تزود!
ولا داعي للخوف على الوطن من "الحقيقة"! لأن من مصلحة الوطن أن يعرف المواطن كيف جرى التاريخ بصورة الماضي ويجري بصورة الحاضر بمجرى زمان الوطن بلا تزييف أو تزوير، بلا تحريف أو تحوير!
الشعب الذي يعرف تاريخه في أقرب نقطة له من خط "الحقيقة" سيكون أقرب فأقرب إلى حضن وطنه، سيحبه أكثر فأكثر، وسيخلص له أكبر فأكبر!
أطلق سراح كل ممنوع يا معالي "الممنوع"! فكل ممنوع مرغوب! فك قيده، وحل غله، وقل له: أنت حر! لكن ذكره وهو خارج من السجن، بأن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية غيره!