من سلوكيات المجتمع الأردني 10
أبو جون
15-10-2019 03:39 PM
تعد ظاهرة شغب الملاعب ظاهرة عالمية تكاد تشمل اغلب الدول ومنها الأردن؛ حيث تسود سلوكيات متعددة منها تكسير ممتلكات الملاعب ومرافقها والشتائم النابية والشعارات العنصرية وفي مجتمعنا الأردني استفحلت الظاهرة لدرجة عدم خلو أي مباراة محلية منها تقريبا ؛فمن هتافات مسيئة تجاه الفريق المحلي إلى الفاظ فيها عنصرية جهوية و مناطقية وعرقية ، كما تشمل هذه الظاهرة المباريات مع الأشقاء في الدول العربية وذلك من خلال شعارات استفزازية تتعلق بذلك البلد تسيء للعلاقات السياسية والدبلوماسية مع تلك الدول .
ويبدو أن انتشار هذه الظاهرة يعود لأسباب عديدة منها : الاجتماعي والسياسي والديني...الخ ، ولكنني هنا أريد تسليط الضوء على البعد الاجتماعي لأنه في نظري يعد الحاضنة الأساسية التي تدفع ذلك الجمهور إلى الهتاف بشعارات وخطاب الكراهية الذي يحث على العنف اللفظي والمادي تجاه فريق وجمهور الطرف المنافس. فالمجتمع الناضج سلوكيا تكون فيه الظاهرة معزولة عن سياقه الأخلاقي والتربوي وبالتالي يمكن السيطرة عليها وحصارها بالقوانين والاجراءات العقابية الرادعة ، أما في المجتمعات التي تكون فيها المنظومة السلوكية متصدعة وهشة وغير سوية –كمجتمعنا-فان الظاهرة تعد مؤرقة وخطيرة تهدد السلم المجتمعي وتماسكه ووحدته الوطنية ؛فعند ظهور خطاب الكراهية في مباراة بين فريقي كرة أردنية كفيل بأن يشعل مجتمعنا الواقعي والافتراضي بالعنف الكاسح والتجارب كثيرة وكلنا يعلمها !
نحن إزاء ظاهرة قيل فبها الكثير –كباقي الظواهر-وعقدت لأجلها الورش والندوات لكن المردود كان متواضعا ، والآن تسود مطالبات بضرورة سن تشريع ينص على تجريم ظاهرة الشغب في الملاعب وهذا مهم في نظري ، ولكن تبقى المعالجة السلوكية التربوية الأسرية والمجتمعية هي الأهم ؛لأن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع التي تؤطر السلوك الفردي للمواطن ، وبالتالي عندما يذهب لمشاهدة المباريات يكون مسلح بقيم تكبح أي ميول عدوانية تجاه الآخر المنافس.
واحسب أن هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر غير الحضارية في مجتمعنا تصدر عن عقل جمعي واحد يؤطرها ويشكلها ويدفع بها للتجلي في كافة ميادين الوطن؛ ولا عجب في ذلك إذا اتفقنا على أن المنظومة السلوكية لأي مجتمع هي التي تحدد خياراته ومسلكياته، فإذا أردنا اختبار ذلك فلندرس باقي الظواهر- على سبيل المثال لا الحصر- التدخين في الأماكن العامة ، وتلويث البيئة العامة ..نجد أنها جميعا تصدر عن عقل جمعي واحد ينظر للأمور من زاوية ضيقة الأفق تقوم على مفاهيم الغلبة والانتقام والعنصرية والاستعلاء...الخ وهي مفاهيم لا تنتمي لمفهوم المواطنة الحديثة بل إنها تعد من رواسب مجتمعات ما قبل قيام الدولة ، وبالتالي هي قيم متخلفة عن روح المواطنة السليمة المنتمية لبلدها .