هبوط تدريجي لبوتين في جزيرة العرب
د.حسام العتوم
15-10-2019 12:32 PM
قبل وصول رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين إلى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بتاريخ 14 تشرين أول الجاري، واستقباله بشكل مهيب ورتيب، والوفد الروسي رفيع المستوى المرافق، حيث تقدمهم يوري اوشاكوف نائب الرئيس الروسي، وسيرجي لافروف وزير الخارجية، وثلة من رجال الأعمال عرف من بينهم اناتولي جوبايس، كنت أتابع لقاء بوتين اردوغان روحاني في أنقرة بتاريخ 16 أيلول 2019، وتصريح لبوتين، ونصحه للمملكة العربية السعودية بعد حادثة الاعتداء على حقول النفط السعودية، وعلى شركة ارامكو تحديداً من قبل جهة غير معروفة بالنسبة لروسيا، بأهمية شراء منظومة من الصواريخ الدفاعية الروسية C300 أو C400 تماماً كما ايران وتركيا لتتمكن من الدفاع عن أراضيها، بينما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى احتمال أن تكون ايران وراء ذلك، وفي منطقتنا العربية اعتقاد بأن ايران استخدمت الحوثيين لهذا الغرض، ملمحاً في ذات الوقت إلى ضعف السلاح الدفاعي الأمريكي، وهو الذي اثبت ذلك أثناء الهجوم الأخير المشار له هنا. وقابلت ايران الاقتراح الروسي بابتسامة عريضة يفهم منها ذكاء وتذاكي الرئيس بوتين لاقناع السعودية مبكراً وقبل زيارته الثانية لها بشراء منظومة صواريخ بلاده، ولها ان تختار الأفضل. كما تابعت اللقاء الاعلامي للرئيس بوتين مع القنوات الاعلامية التلفزيونية RT ، وسكاي نيوز، والعربية بتاريخ 11 تشرين أول 2019 ، والذي تحدث فيه بوتين عن امتلاك روسيا لمنصات صواريخ دفاعية متطورة لا تتوفر في العالم، معطيا اشارتين معا، الأولى موجهة لحلف الناتو الغربي العسكري بقيادة امريكا، والذي اتهم الناتو فيها، بأنه يخادع روسيا، ويحاول الاقتراب من حدودها، وروسيا تراقبه عن كثب بطبيعة الحال، والإشارة الثانية وجهت للمملكة السعودية لكي تتوجه على ما يبدو لشراء اي من منظومتي الصواريخ الدفاعية الروسية سابقتي الذكر.
وقبل زيارة بوتين الحديثة للرياض، وهو الذي لم يزرها منذ 12 عاماً، حيث زارها سابقاً عام 2007، وقابلها ملك السعودية خادم الحرمين الشريفين بزيارة مماثلة عام 2017، ارسلت امريكا بتاريخ 11 تشرين الأول قوات إضافية إلى وسط الصحراء السعودية أشارت فيها إلى أن واشنطن موجودة، وبأنها قلقة على أمن السعودية، وقادرة على حمايتها وليس روسيا فقط. والخطوة الأمريكية تلك تشبه التنافس على موقع افغانستان الاستراتيجي لكل من روسيا السوفيتية والولايات المتحدة الأمريكية نهاية سبعينات القرن الماضي ووسط سعير الحرب الباردة عام 1979، مع الأخذ بعين الاعتبار فارق الزمن، ولغياب وجود حرب جادة بمستوى ما جرى في افغانستان وتبعاتها، حيث ما جرى من اعتداء على النفط السعودي مؤخراً لا يقارن بكل تأكيد بغزوة افغانستان المشهورة في عمق التاريخ المعاصر والتي تحولت إلى ملحمة حقيقية.
وللمملكة السعودية في المقابل موقعاً جيور استراتيجياً واقتصادياً ودينياً مرموقاً وسط العرب، وفي الاقليم، وعلى خارطة العالم، وهي عضو في مجموعة العشرين، وتمتلك 18.1% من احتياطي البترول في العالم، وخامس احتياطي غاز على مستوى العالم أيضاً، وعضو في اوبك، وموارد طبيعية أخرى عملاقة بنحو 34.4 تريليون دولار امريكي، وأكبر دولة مصدرة للنفط، وتتربع على زعامة العالم الإسلامي من دون منافس، خاصة السني منه. والمقدسات الإسلامية الموقرة ورفيعة المستوى مثل الحرم المكي، والحرم النبوي، وهما خير دليل على المكانة الدينية. واتفاق متوقع بين موسكو والرياض بشأن النفط، والعلاقة مع ايران. والمعروف بأن روسيا مختلفة سياسياً عن امريكا، وتقود عالماً متعدد الأقطاب، ولا مماحكات ولا اعداء لديها، ولا تصادمات حتى خارج الحرب الباردة التي يصر الغرب وحلفه الناتو بقيادة امريكا على استمرارها، على اعتبار أن واشنطن تمثل (السلطة) من وسط قطبها الواحد، بينما روسيا، وهي دولة عظمى مثلها، والوحيدة القادرة على التصدي لحراكها الرمادي تمثل (المعارضة) في المقابل، وهكذا نرى بأن روسيا تحاول ان تقترب من امريكا اكثر، وتصادق إيران، وتركيا، والصين، وكل اقطاب العالم مهما صغر الحجم الجغرافي، والديمغرافي، والاقتصادي لأي دولة في العالم.
وما لفت انتباهي حول موضوع ما يستورده العرب من اسلحة وبمليارات الدولارات من الاجانب، بطرح سؤالاً عن سبب غياب ابحاث ودراسات العلماء العرب في مجال صناعة السلاح التي يمكن أن تؤسس لصناعات تغني عن هدر المال الذي تحتاجه امتنا العربية في مجالات التنمية المختلفة. وحول الزيارة الروسية رفيعة المستوى للإمارات 16 تشرين أول الجاري حديث آخر بكل تأكيد.