لن ينتهي الجدل حول فرص العمل التي يولدها الاقتصاد ونسب البطالة المرتفعة التي نعاني منها، والسؤال الذي لا يمكن لنا إلا أن نبقى نردده، ما هي الشروط التي يجب توفيرها لتشغيل الأردنيين، أو ما الذي يمكن القيام به حتى تصبح فرص العمل الجديدة أو القائمة جاذبة للأردنيين؟
هناك جانبان لهذه المعادلة، الأول يتعلق بالمتعطلين عن العمل وسؤال هل هناك ثقافة عيب تمنع من الإقبال على العمل؟ ينسحب هذا مثلا على سؤال لماذا لا تعمل الفتيات في الفنادق وبعض المؤسسات المحترمة، وما الذي يمنع الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود من قبول فرص العمل في المنازل؟ التفسير الأبسط : الأردنيون كسالى ولا يرغبون بالعمل!
هذا التفسير المبسط يجد ما يدحضه على أرض الواقع، فالأردنيون يعملون في القطاع الخاص، وهناك نجاح لبعض الشركات الكبرى في أن تكون قصص نجاح بارزة، وهناك الآلاف ممن يعملون في شركات ولا يغادرون تلك الشركات مع أول عرض يأتيهم من الخارج، وما نقوله ليس كلاما عاطفيا بقدر ما يعكس حقيقة يقولها أصحاب تلك المصانع الذين نتحدث اليهم ونحاول التمييز بين الأشكال المختلفة من العمالة المحلية، فسؤال البطالة والفقر لا يخبو مع الزمن بل هناك تفاقم لهذه المشكلة. والحلول المبسطة لا تقدّم ولا تؤخّر.
وإذا اتفقنا أن قصص النجاح هي التي يجب أن تبرز فإن سؤال الرغبة في العمل يصبح وراءنا، والتساؤل هو ما هي الظروف التي يعمل بها هؤلاء، فالعمالة المستقرة تعمل ضمن ظروف لائقة، وهناك حوافز تشجع على الاستمرار بالعمل. أما القطاعات التي لا يقبل عليها الأردنيون فهي إما غير منظمة وإما يفضل أرباب العمل فيها العمالة غير الأردنية لأنها أكثر إنتاجية، وسؤال الإنتاجية هنا محير، فهل العمل لساعات إضافية من دون حساب، وهل الاستغلال وغيرهما من الممارسات التي ستنعكس إيجابيا على الأرباح تدخل في الباب الذي نريد تشجيعه؟ على الأرجح لا. وهذا أحد جوانب المشكلة الذي يستحق البحث.
ولا تنتهي القصة هنا، فتجربة التدريب المهني ليست مثالية، وأرباب العمل يشكون مر الشكوى من نوعية العمالة المتاحة، وهذا جانب ندرك أهميته كثيرا، لكنه لم يعالج، فالتدريب وفقا للطريقة التقليدية لا يغير من الوضع، والقطاع الخاص مطالب بممارسة دور أكبر في عملية التدريب والتشغيل، ويمكن للحكومة أن تساهم في توفير البنية التحتية اللازمة، لكن التنفيذ والتطبيق والحوافز يجب أن تكون مدارة من قبل القطاع الذي سيشغل هؤلاء المتدربين.
وما نريد قوله إن التعطل عن العمل ظاهرة مركبة تحتاج للنظر إليها من أكثر من زاوية، فليس صحيحا أن المتعطلين عن العمل كافة لا يرغبون بالعمل، وليس صحيحا أن ثقافة العيب مغيبة تماما، وليس صحيحا فقط أن الأجر المادي هو الذي يحدد العرض في سوق العمل. نحن أمام جملة من الأسباب تحتاج الى تفكيك حتى نتمكن من التعامل معها، والتعميمات التي تطلق حول عدم الرغبة في العمل تعتبر مجتزأة ولا تقدم في الحلول المطروحة شيئا.
ibraheem.saif@alghad.jo
الغد