التجاوزات المالية والإدارية
نزيه القسوس
19-11-2009 04:06 AM
عندما يصرح وزير المالية بأن هناك تجاوزات مالية وإدارية في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة وهذه التجاوزات تشمل التعيينات وصرف المكافآت المالية وشراء سيارات جديدة وغيرها فإن هذا التصريح يعتبر في منتهى الخطورة ويدل دلالة واضحة على أن أجهزتنا الرقابية غير فعالة أبدا.
في وزاراتنا ودوائرنا الحكومية ومؤسساتنا العامة هنالك مندوبون عن ديوان المحاسبة ووزارة المالية ومهمة هؤلاء هي الرقابة المالية وإجازة أي مستند مالي مهما كانت قيمته كما أن رواتب الموظفين لا تصرف في نهاية كل شهر إذا لم يوقعها مندوب ديوان المحاسبة ومندوب وزارة المالية.
إذن هناك خلل واضح وبيّن في العمل الحكومي وهنالك تجاوزات لا يمكن السكوت عليها فعندما يصدر رئيس الوزراء تعميما يمنع بموجبه تعيين الموظفين فإن هذا التعميم يوزع على كافة الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة ومنها ديوان المحاسبة الذي يبلغ مندوبيه في كافة الأجهزة الحكومية بمضمون هذا التعميم حتى يمتنع هؤلاء المندوبون عن إجازة أي مستند يتضمن رواتب للموظفين المعينين بعد بلاغ رئيس الوزراء وهذا الأمر ينطبق أيضا على شراء السيارات وصرف المكافآت المالية فكيف إذن يوقع مندوب ديوان المحاسبة أو مندوب وزارة المالية على مستندات مالية مخالفة لتعليمات الحكومة؟. وإذا كان الجواب بأن بعض الوزراء أو المدراء العامين يأمرون بالصرف بدون توقيع مندوبي ديوان المحاسبة ووزارة المالية فأين إذن هي المحاسبة لهؤلاء ولماذا لا يسألون من أي جهة كانت إلى درجة أن وزير المالية يشكو من هذه التجاوزات المالية والإدارية.
نحن دائما نفاخر بأننا بلد المؤسسات والقانون فكيف إذن يخترق بعض المسؤولين هذا القانون ولا يحسبون أي حساب لأي جهة رقابية؟.
نحن نفترض أن التعاميم التي يصدرها رئيس الوزراء لا تصدر إلا إذا كانت لها ضرورة هامة فعندما يصدر رئيس الوزراء تعميما بعدم تعيين موظفين جدد فهذا يعني أن هؤلاء الموظفين الجدد ليس لهم رواتب في الموازنة العامة. وعندما يصدر رئيس الوزراء تعميما يمنع بموجبه شراء أي سيارة جديدة فهذا يعني أيضا أنه لا توجد مخصصات مالية لشراء هذه السيارات لكن عندما لا يتقيد المسؤولون الحكوميون بهذه التعاميم فهذا يعني أنهم لا يحسبون حسابا لأي جهة رقابية لأنه مع الأسف الشديد لا توجد عندنا محاسبة لمثل هذه التجاوزات المالية والإدارية والأهم من ذلك أن هذه التجاوزات المالية تنعكس بشكل سلبي على الموازنة العامة ويتمثل ذلك بالعجز الكبير في هذه الموازنة.
نتمنى أن نصل إلى مرحلة لا يشكو فيها وزير المالية من بعض التجاوزات المالية والإدارية أبدا بحيث لا تحدث مثل هذه التجاوزات أبدا وبحيث يحسب أي مسؤول ألف حساب عندما يفكر بمخالفة الأنظمة والقوانين والتعليمات الحكومية أما أن تظل أجهزتنا الرقابية تتفرج على ما يحدث في وزاراتنا ودوائرنا الحكومية ومؤسساتنا العامة فهذه مسألة غير مقبولة أبدا ولا يمكن السكوت عليها.