لست أدري ما هو الوصف الدقيق لحالة البلاد العربية وسط هذا الغموض الذي يحيط بالأحداث والتطورات الداخلية والإقليمية للمنطقة العربية، وخاصة في الدول التي يجمعها مع الأردن امتداد جغرافي موصول بامتدادات سياسية واقتصادية واجتماعية، نحن اليوم دولة محاصرة بأزمات إقليمية خانقة، ومهما نحاول على المستوى الداخلي معالجة أزمتنا الاقتصادية فإن هذا القدر من الاحتقان يسد الطرق التي نعلق عليها آمالا وما تلبث حتى تغلق من جديد.
محيطنا الأول هو فلسطين وسورية ولبنان والعراق والسعودية، ومن دون الدخول في التفاصيل فالكل يعرف عمق وخطورة الأثر المباشر للوضع الإقليمي الراهن بأبعاده الدولية التي تزيد من فقدان التوازن على المستويات المحلية والتوازنات الجيوسياسية، ولسبب ما هناك شعور ناجم عن سوء التقدير لأهمية صياغة موقف عربي، ولو على مستوى ضيق، وفي حد معقول من التحليل والفهم لطبيعة الأزمات، وإمكانية صياغة موقف يضمن مصالح جميع الأطراف، وهي مصالح مشتركة بحكم الجوار إن لم نقل بحكم المصير المشترك.
حالة الانتظار هذه قد طال أمدها، والأخطر من ذلك هو عدم معرفة ما هو الشيء الذي ننتظره أصلا، وأحوال البلاد العربية تتبدل من يوم إلى يوم، خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف، ذلك هو معنى فقدان التوازن نتيجة الضربات المتلاحقة التي يتعرض لها العالم العربي مع تفاوت الدرجات، ولكن أكثرها قسوة هي تلك التي تحيط بنا تحديدا، وعلى وجه الخصوص الدول العربية الواقعة في بؤرة الصراعات منذ فجر التاريخ.
لا بد من وسيلة ما تجمع بين قادة دول هذه المنطقة بالذات، بعيدا عن الشكل المقيت للقمم العربية، وسيلة بلا بروتوكول، ولا خطابات، ولا حتى وسائل إعلام، يلتقي فيها القادة ليجيبوا على سؤال يهمهم جميعا، جوابه يحدد مصير أمة تلعب فيه مصالح قوى إقليمية ودولية في وضح النهار، مستهدفة إيمانها وعزيمتها وأمنها واستقرارها ومستقبل أجيالها، وحقها المشروع في الحرية والاستقلال والتقدم والنمو!
أما آن الأوان لمراجعة أمينة مع النفس، وصفحة جديدة عنوانها “عفا الله عما سلف” وقد دلت الشواهد، وأدركت العقول، أن التحالفات تتغير وتتبدل، وأن من يحالفك من أجل مصالحه، وليس من أجل المصالح المشتركة يتركك في أي وقت يشاء، والأمثلة على ذلك تضرب لنا كل يوم، أما تحالفنا في نطاقه العربي فإنه ليس مجرد مصالح، إنه مسألة وجود!
الغد