عام 1869 انهارت صحة الروائي والقاص الانكليزي " تشارلز ديكنز" ليترك كتابه " لغز أودين دروود" غير مُنجز ويرتحل عن الدنيا نحو الخلود تاركا لغة جمة تستحوذ على روحك اذا طالعت فصلاً واحداً من رواياته العظيمة، اعتقد ان ديكنز ترك روايته الأخيرة بلا نشر لأن الآدب الحقيقي لديه من يتورثه بصدق ولكن هيهات!
الأدب يشيخ يا سيدي الكبير، رغم أن الانجليز لا يتركون ارثاً ضائع لأنهم يحترمون عقيدة التاريخ وقيمة المنجز الأدبي، ولكن في بلادي يشيخ الأدب بعدما تآكل جرّاء الكدمات التي تبنت تصويبها جهات ثقافية مغمورة تمارس التأتأه اذا تكلمت وتنسب لذاتها قيمة الحرف المسروق!
أمام كل ذلك تليقُ بهم حروف السُباب في حضرة " اللاشيء" انهُ الإنسان المثقوب من " كل شيء" والمستتر تحت مظلة الأديب والمثقف الطارىء على المشهد وهذا عيب كبير يا فراعنة الثقافة بلغتكم الركيكة عديمة اللباقة!
أخجل كثيراً من البعض منهم "المثقف المشوه" تلك الوجوه الرثه، بالمقابل أشعر بالهيبه حينما أقرأ لرفقه دودين وأشتمُ رائحة الوطن بحروف حبيب زيودي، تترفقني القومية حينما أحمل بحقيبتي رسائل مؤنس وأرفع الجبين حينما أطالع غالب هلسا وتيسير سبول!
أعود إلى الروائي " تشارلز ديكنز" الذي عانى بطفولته جرّاء العوز والفقر ليعمل في مصنع لدهان وتلميع الأحذية وقد كان سعيدا حينما كَبر ورأى ماسحة الأحذيه الألكترونية في افخم فنادق " كندا " والمفارقه ها هُنا أُدباءنا الصغار حينما تُعطيهم الدُنيا بقعة ضوء سُلبت من مسرح " الواسطة " و" الإبداع المسروق" و" الثقافة المُعلبه" القادمة من مكرهة السلطة والمحسوبية والتمويل المشبوه يغدو الواحد منهم انانياً وناكراً لمحيطه والبيئة التي نشأ بها.
أن تكبر سريعا هذا يعني ان الزمن يغتالك ولكن لا يغتالنا، ان تصغر أمام نفسك هذا يدل على تقلصك أمام وعينا، فالحكمة ان تقرأ درجات الآخر من عقله ثم عواطفه وهذا ديدن الحقيقة حينها لا يشيخُ الأدب ولكن اقولها وبلباقة :
حتماً " تشيخ الثقافة".