اذا وافق الملك تمديد عمر الحكومة حتى نهاية الدورة العادية لمجلس النواب , فإن هذا مؤداه قيام الرئيس باجراء تعديل على حكومته يستطيع من خلاله ,مسك الفرصة الاخيرة بيديه والانطلاق بسرعة الريح لتصويب ما يمكن تصويبه , ولكن بارادةجديدة وشجاعة لا توصف وقوة لا تهاب المثبطات والتوعدات والقوى المتربصة , فالظهر الذي تعرى اول مرة ,بالاستماع والرضوخ والاستجابة والتنفيذ ، يجب ان لا يتعود الاشقياء عليه, ولا يجب ان يكون لوجودهم مكان في نفس من يريد امتياط حصان طرواده وكسر جسور التلاقي مع المواطنين !.
فقضية المعلمين يجب ان تكون قد فتحت عيون الرئيس على واقع ادارة الدولة الاردنية بحقيقيتها وما هي الاولويات التي يجب التركيز عليها في نهاية المطاف . وكيف يجب ان يرسم الرئيس قراره ليكون على الدوام قريب من الناس باعتباره صاحب الولاية لا يغرنه همس الاذان من الذين لا يكنزون الا الاساءة واضعاف موقف الحكومة امام الجميع . فالحقيقة يجب ان تقوم على قرب المسافة بين المواطن وصاحب الولاية.
على الرئيس أن يتخلص من الضعف الكبير الذي بدى به عدد من اعضاء الحكومة والذي ظهر في ابسط عملية حوارية تفاوضية مع المعلمين ، وعدم قدرتهم على الخروج منها ، دون أن ينقسم به المجتمع الاردني ويتدخل القضاء بطريقة محزنة ويغيب الاعلام باسلوب مخزي وتطنش النقابات بطريقة مقصودة، وتراجع الحس الرسمي بالولاية الحقيقية والابوة الاعظم لواحدة من القطاعات الهامة ,وظهور المؤسسة الرسمية المعنية بهذا الملف وكأنها طرف خصم وثاني لهذا القطاع بدل تبنيه من الفه الى يائه ، وترك الباب مفتوحا لكل التيارات الهوائية والاعاصير ليشكل الناس اراء متناقضة كادت ان تولد مشاكل اجتماعية ومصائب غير تلك المألمة التعليمية التربوية التي نجمت عن انقطاع الابناء عن مدارسهم . وترسيخ رأيا عاما قويا لصالح النقابة كان مؤداه حالة الغضب العام على الحكومة الناتج عن تراكم ما يحس به الناس من الاداء الحكومي على الصعد كافة .
الرزاز الان محرج جد ولا اشك في انه استمزج الملك في الاستقاله ، والتنحي بعدما وجد الرئيسان الاف السكاكين من حوله خاصة وأن فريقه الوزاري أو نسبة كبيرة منهم لم تكن عونا له في ادارة الازمة ولم يجد لديها القدرة والكفاءة للتعامل مع النقابات والناس . كذلك غياب الثقة بين القطاعات ومؤسسات الحكومة المعنية وبين الناس وعدد كبير من الوزراء , كذلك عدم قدرة الحكومة على ادارة الملف ولو اعلاميا رغم الملايين التي تضخ والدلال الذي يقدم لمن يسموهم رجالات الحكومة . فهل انقلب رجالات الحكومة على الحكومة ؟ وهل كثرة السكاكين التي تشهر في وجه رئيس الحكومة . دون ان يجد من يدافع بحق ويعمل بصدق من اجل تخفيف حجم الضغط الذي يتلاقاه الرئيس يوميا.؟
ناهيكم عن المطبات التي ورط بعض الوزراء بها الرئيس والحكومة , وكأن هؤلاء الوزراء يخدمون بمنعزل عن مجلس
الوزراء والرئيس ,وأنهم ابعد ما يكونواعن قيم التكافل والتضامن التي تعتبر اساس العمل في منضومة مجلس الوزراء .
الواضح ان الرئيس يشعر بالوحدة ويحس انه بنى ثقة عمياء باداء وزرائه وطبيعة تعاملهم مع تحديات الوطن وبالتالي مجلس الوزراء’ وان معظم وزرائه ليسوا اكثر من موظفين متفاجئا , ايضا بضعف اداء عدد آخر ممن وقف عاجزا عن اداء دوره في مؤسسته , وعدم امتلاكه القدرات ولا الملكات في ادارة حورا مع المواطن وتوجيه الراي العام، وتقديم النصح للرئيس بصق وأمانه حول واقع التوجه العام والوصول للحل مبكرا وفق منطوق الرعاية الابوية لابناء الشعب لا الخصيم والقاضي في آن واحد.
دعونا نكون صادقين مع النفس والرجل يهم بالرحيل ان نقول كلمة حق : لا الوم الرئيس الذي حاول تقديم نموذج المسؤول القريب من المواطنين والمتفاعل معهم , والرجل الحريص على القانون والجد في سبيل الانتاج والنهضة , ,الا انه وقع بالرك الذي وقع فيه غيره وخاصة التدخلات الخارجية والانصات لذلك متناسيا ان الكثير من النصح ما هي الا توريطات لدق المسامير في نعش الحكومة . كذلك غفلانه عن واقع السواعد التي حوله بالتركيز على الرجال المعطائين النزيهين الصادقين , وان يستعين باصحاب التجارب والخبرات خاصة المشهود لهم بالوفاء للوطن بجانبه العملي لا بالمشاهد الكلامية والخطابات التمثيلية , وان يبتعد عن اصحاب الاجندات والمصالح والواسطات والهواتف. فالرئيس غاب عليه انه هو المعني وهو المسؤول , وهو من سيتحمل النتائج وأن عددا من الوزراء الذين لبسوا مئة وجه ووجه , لا يضرهم الاساءة في الخدمة وبعدها واثناءها رغم عقد الرئيس الامال عليهم فالانتماءات للصالونات السياسية اقوى بكثير من الانتماء لمجلس الوزراء . . الرئيس الحالي وأي رئيس قادم يحتاج الى معجزة ليعيد ولوجزء يسير من الامل بعد ما اصاب الوطن ما اصابه , وهذا لا يمكن ان يحدث الا اذا جلس الرئيس لوحده وبمكتبه وفكر بعقله لا بعقل غيره في اختيار ما يكملون ما تبقى من زمن , واثبت انه القادر على خلق الفارق والفرص , ويقنع الناس ان الوطن في مرحلة من الشفاء والامل ؟!.فالناس ما زالت تنتظر ولوبصيص أمل .
فرصة الرزاز الاخيرة هذه تحتاج الى جهود جبارة , وعمل شاق وصادق وشفاف ,يعيد المساواة والتوازن بين قطاعات المجتمع الاردني , ويحفز الناس على العطاء والاستثمار والانتاج بعد قيام الحكومة بآداء يغرس قيم جدية الحكومة وشفافيتها في التعامل مع قضايا الوطن التي صرخ بها الناس من ايام وشهور . بدأ بقضايا الفساد و مرورا بالادارة الحكومية , ومنتهية بتشجيع الجميع على العطاء بالحوافز الحقيقية وتنويع المهن وتطبيق الضوابط .
الرزاز يدرك بان المواطن يعيش في غربة من ضياع الثقة بالمستقبل , وعدم اكتراث احد به وضياع البوصلة التي كانت توجه الدولة في اوقات الضنك وتنقذنا من الوقوع في شرك الجوع او الخوف من المستقبل الذي بدأ يتفشى في النفوس . خاصة وان سياسة الدولة الاردنية والتي يصنعها رجالات لا يهمهم الا المصالح قادتنا من السوء الى الاسوء حتى وصلنا الى ما نحن عليه .
وصولنا الى ما نحن عليه يجب ان لا يتحمل الرزاز مسؤوليته وحده , فلطالما تعودنا بهذه السياسة ان يحمل رئيس الحكومة زفر ومساويء كل المرحلة ويرحل وكأن ذلك يغسل الغضب متناسين ان الوضع وصل حد الانفجار .
فرصة الرئيس الاخيرة ليس لانقاذ الوطن مما اصابه من حالات مأساوية بل تجنيبنا الاسوء بإيقاف مسلسل التدهور , وأن يكون صريحا وشجاعا في الافصاح عن الاخطاء والتحديات ,مستعينا برجال دولة شهد لهم المجتمع بالنزاهة والرجولة والشجاعة .