اقتربت روسيا السوفيتية، والسوفييت من العراق في منتصف اربعينات القرن الماضي، وتحديداً عام 1944 ، وعبرت العلاقات السوفيتية – الروسية العراقية مطباً هوائياً سياسياً في الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 1955 و 1958، وعادت بعدها العلاقات الثنائية الى عافيتها حتى 1990 مركزة على المجال العسكري وصناعاته الثقيلة، وفي العمق الحرب العراقية – الايرانية التي استمرت ثماني سنوات عجاف بين عامي 1980 و 1988، وشكلت خسارة بشرية قاربت لمليون انسان، واخرى مادية بحوالي 400 مليار دولار، ومن اهم اسباب الحرب التصدي لنوايا الغزو الايراني للعراق عبر التحرش بالحدود، والاختلاف على شرعية شط العرب بعد الغاء اتفاقية الجزائر 1975 ، ولمنع الثورة الايرانية 1979 من التغلغل وسط العراق، ومن نشر هلالها هناك، واستثماره لصالحها. والاهم هنا تمكن روسيا السوفيتية من الوقوف عسكرياً الى جانب العراق، والمساهمة بقوة ً في صد التقدم الايراني العسكري وقتها، وهي الحرب التي قال عنها كيسنجر " في كل الحروب يكون هناك خاسر ورابح، ولكن في هذه الحرب يكون خاسران". وكان النفط العربي مسانداً للعراق في حربه الأولى، وكانت امريكا تشجع الطرفان وتراقب بهدوء. وحتى منذ قبل اجتياح من قبل الناتو بقيادة امريكا وتسليمه لإيران، كانت روسيا قلقهٌ على العراق، وتحاول حمايته من الاجتياح الخارجي الغربي.
يقول سكوت ريتر كبير مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة في الفترة الواقعة بين عامي 1991-1998 في كتابه "
استهداف ايران. ص 99(وقدم العراقيون تصريح مفصلاً عن برنامجهم النووي، بما يتفق ومتطلبات القرار 1441. وبقي منسجم مع الاستنتاج الاجمالي الذي توصلت اليه الوكالة الدولية والذي يشير الى انه تم تفكيك البرنامج العراقي لصنع الاسلحة النووية، وأنه لا يوجد في العراق أي برنامج نشط، وأن العراق اذعن إلى حد بعيد للالتزامات المفروضة عليه بنزع اسلحته.
وفي ص 99 منه (وافق مجلس الامن اخيراً على صياغة قرار جديد حمل الرقم 1441 يفوض الوكالة اجراء عمليات تفتيش في العراق، ودب الخلاف على الفور تقريباً بين الولايات المتحدة وانجلترا من جهةً، وبين باريس وبكين وموسكو من جهة اخرى، حول ما إذا كان القرار يجيز في حد ذاته استخدام القوة العسكرية إذا ما فشل العراق في الامتثال.
ولقد اجتهد يفغيني بريماكوف قبل عام 2003 مندوباً عن الرئيس فلاديمير بوتين في اقناع القيادة العراقية لترك السلطة والذهاب الى قيادة الحزب لتفادي غزو الناتو للعراق، وهو ما ورد في كتاب بريماكوف نفسه (الشرق الأوسط على المسرح وخلف الكواليس ص 320، حيث كتب يقول " لقد التقيت صدام قبل ثلاثة اسابيع من العملية الامريكية ضد العراق 2003، وعندما رغبت امريكا بالإطاحة بنظامه، ولقد غادرت الى بغداد بعد حديث ليلي مع الرئيس بوتين، والذي سلمني رسالة شفوية لصدام لإقناعه بترك السطلة والدعوة لانتخابات ديمقراطية). والرد العراقي الرافض انطلق من زاوية وطنية وقومية، لكن ما حدث لاحقاً كان كارثياً، وهو الذي توقعته موسكو. والفت الانتباه هنا بانه بعد الغزو العراقي غير المبرر للكويت، وحرب عاصفة الصحراء، اصدر بريماكوف كتابه (حرب كان يمكن تجنبها)، وبعد غزو امريكا للعراق كتب بريماكوف مقالات ركزت على أن هذه الحرب كان ممكن تجنبها ايضاَ.
ولقد دخلت امريكا للعراق وجرت من خلفها حلفها الناتو العسكري من بوابة الحرب الباردة التاريخية، وصدت الابواب امام روسيا التي انتقدت بشدة اعدام الرئيس صدام، وهو الامر الذي دفع بروسيا الى التوجه لسوريا رغم الحضور الامريكي بدايةً، وبعد ان اقتربت روسيا من اسدال الستارة على حربها على الارهاب في سوريا، والعمل على ايجاد مخارج سياسية لازمتها بالتعاون مع امريكا ودول الجوار العربي، ومنها الاردن وتركيا عبر مناطق خفض التصعيد، وعادت روسيا من جديد الى العراق عبر بوابة السلاح، بينما هي تركيا تتمرد على الحدود السورية شمالاً عبر عملية (نبع السلام)، ورغم استهداف الاكراد.
وهبوط طائرة وزير خارجية الفدرالية الروسية سيرجي لافروف في بغداد بتاريخ 7 تشرين الأول الجاري اعطت اشارة على ضرورة العمل من اجل تنفيذ عقد عسكري سابق بين موسكو وبغداد لشراء سلاح روسي بقيمة 4.2 مليار دولار.
وبالمناسبة السلاح الروسي معتمد عربياً، ومنتشر عالمياً، ويحتل المركز الثاني عالمياً. وزيارة ملك السعودية خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز لموسكو بتاريخ 5-10-2017 اضفت عن شراء انظمة صواريخ دفاعية روسية C 400، وعقد عسكري جزائري مع روسيا بقيمة 7.5 مليار دولار، وصفقة سلاح جو مصرية من روسيا حسب صحيفة انترفاكس الروسية مقدارها 2 مليار دولار. وتعاون عسكري اردني روسي حديث هذا العام 2019 لتعزيز قدرات القوات المسلحة الأردنية الباسلة- الجيش العربي.