بانتظار تقرير حالة البلاد لعام 2019 الذي يخوض المجلس الاقتصادي والاجتماعي مناقشات مطولة حوله والذي من المتوقع أن يقع في أكثر من ألف وخمسمئة صفحة.
التقرير السابق استغرق إنجازه حوالي العام، وشارك في إعداده ما يزيد على سبعمئة خبير وباحث من القطاعات الرسمية والأهلية كافة، لكن يجدر بالمجلس في هذه المرة أن يختطف لنا خلاصات مكثفة لنتائج التقرير.
يلفت الانتباه نتيجة مبكرة جرى الإشارة إليها على عجل وهي أن القطاع العام يعاني من تدني مستوى التشبيك والمواءمة ما بين استراتيجيات الجهات الحكومية ذات العلاقة وخططها وبرامجها، وضعف مستوى الإنجاز الذي يعود إلى تعدد الاستراتيجيات والبرامج التنفيذية وعدم المتابعة والتقييم.
والحقيقة أن المسألة تجاوزت التناقض في الاستراتيجيات الموجودة أصلا, فالوزارات والمؤسسات تعمل وفق قوانين ناظمة لأعمالها, وهي القوانين التي تفتقر إلى التناغم ما يجعل المخرجات مباينة أو لنقل, مجموعة من العازفين على آلات موسيقية لا تصدر لحنا.
تنسيق عمل المؤسسات والوزارات لا يحتاج الى وضع إطار عمل ولا إلى خطة وطنية شاملة محددة بمؤشرات أداء استراتيجية، بل إلى أن يجلس الوزراء ومسؤولو الصف الثاني والثالث معا من أجل تنسيق العمل والمهمات.
مثل هذا الخلل يلاحظه مراجعو الدوائر الحكومية في معاملات متعددة المرجعيات إذ يلاحظون التناقض والتضاد ليس بين القوانين والأنظمة والتعليمات فقط بل في الإجراءات، وقد كان ذلك من أهم أسباب فشل تجربة النافذة الواحدة في هيئة تشجيع الاستثمار أو مؤسسة تشجيع الاستثمار سابقا.
يقال إنه لتفريغ القانون من مضمونه ما عليك إلا أن تضع له نظاما تلحقه بالتعليمات, وهي التي يسهل اختراقها وتكييفها لحرف القانون عن غاياته وهو ما كان يحدث فعلا, والحقيقة أن إلحاق القوانين بتعليمات أو أنظمة هو دليل على نقص هذا القانون وإلا لماذا يجري تعديل القوانين بشكل سنوي؟
مرة أخرى سيجد تقرير «حالة البلاد» أن الحكومات عجزت عن تنفيذ الاستراتيجيات، لعدم وجود خطط تنفيذية مرتبطة بجداول زمنية، وموارد مالية وضعف الموارد البشرية, وأن محاولات الإصلاح، وتوزيع المكتسبات تعثرت وأن المناصب وزعت دون معايير الكفاءة وأن الحكومات واصلت السير على ذات النهج الاقتصادي والسياسي والإداري.
الحكومة لديها أربع خطط جاهزة للتنفيذ لكنها قررت أن تتجاهلها مع أن المشاكل والتحديات لم تتغير على طول وضع الخطط وقد قلنا سابقا إن وجدود برنامج التصحيح المتفق عليه مع الصندوق هو سبب فشل الخطط التي لا تنعكس في الموازنة كما هو الحال بالنسبة لبرنامج التصحيح الاقتصادي.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي