خرافات رياضية نسفها العلم الحديث
أنس زكريا
11-10-2019 05:34 PM
ما لا يقوله المدربون ومسوقو الحلول السحرية للياقة البدنية: خرافات رياضية نسفها العلم الحديث
لا يخفى على أي رياضي، مبتدئا كان أو متقدّما، أو حتى المحترف، أنّ مجال النشاطات البدنية والتدريب الرياضي مشبع جدا بالمعتقدات والتصورات والخرافات بكل ما يتعلق بالتدريب في الصالة الرياضية والتغذية وما غير ذلك، فحتى من يعمل في مجال الرياضة بشكل منتظم سيدّعي تصورا معينا حول هذا الموضوع، وليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، كما سيبدي معظم الناس من حولك آرائهم حول الموضوع دون إثباتات أو إسنادات علمية، ومن باب نشر الوعي حول الموضوع لخصت لكم ما اعتمده المجلس الأمريكي للتمارين الرياضيه ACE حول بعض الخرافات والأخطاء التي قد تكون قاتلة، أو في أحسن حال تعرّض صاحبها لإصابة رياضية قد تكون دائمة، واعتمدّت عرضها بشكل مهني واحترافي، بغض النظر عن إيمان وممارسة كثير من المدربين لها، واعتبارها من المسلّمات التي لا مجال للنقاش فيها.
قد يتساءل البعض عن سبب هذا التضارب في المعلومات المتعلقة بالرياضة وصناعتها، وفي الواقع، هناك سببين لذلك: الأول أنّ هذه الصناعة تولد المليارات حول العالم وتشارك في الحلول السحرية فيما يتعلق باللياقة البدنية والأهداف التي نريد تحقيقها، والسبب الثاني الذي لا يقل أهمية، أن تسويق الكثير من النشاطات التجارية والربحية والإعلانية، يعتمد على هذه الصناعة، كالترويج للنوادي الرياضية وحصص الكروس فيت والأغذية والأدوية، والتي يعرضها المسوقون جميعا على أنها حل سحري لتحقيق نتائج مرضية وسريعة للأشخاص الذين يهدفون لإنقاص أوزانهم، أو بناء عضلات بارزة وغيرها من الأهداف، والتي لا تتحقق بالفعل إلا بالتغيير الجذري لمفهوم الأشخاص عن أجسادهم وطرق التغذية وممارسة النشاطات البدنية، لتصير أسلوب حياتهم الذي يحملونه أينما ذهبوا وفي كل وقت، بل ويربون أبنائهم عليه.
كم مرة سمعنا العبارة القائلة بأنّ "ممارسة الرياضة تُعد من أهم النشاطات التي يجب على الجميع ممارستها"، هل يمكن أن نتخيل أن هذه العبارة من أكثر الخرافات المتداولة، التي يروّج لها من قبل العديد من النوادي الرياضية والمدربين؟!
في الحقيقة، فإنّ لكل شخص جسد، يختلف عن غيره، من حيث العمر، الحالة الصحية، النظام الغذائي، المجهود البدني اليومي، حجم العضلات والدهون، الأدوية التي يتناولها، وغيره، وكنتيجة منطقية، إذا كان العديد من الناس يمارسون نوع معين من التمارين، فهذا لا يعني بالضرورة ممارستك له أنت أيضاً قد تفيدك، ببساطة، لكي تعثر على ما يناسبك من التمارين الرياضية عليك سؤال مدرب رياضي تتأكد من حصوله على الشهادات العلمية التي تؤهله لتحديد البرنامج الرياضي الذي يناسب جسمك ويحقق أهدافك، من دون أن يسبب لك الضرر، ويضعك في دوامة اليأس، فتصطدم بعدم حرق الدهون أو فشل بناء العضلات مثلا، مما يجعلك تعتقد أن عليك اللجوء لحوارق الدهون أو المكملات الغذائية والرياضية، التي ترهق الكلى والكبد وتزيد الوسط الحمضي للجسم (الوسط القاعدي هو الحالة الصحية التي تحمي الجسم من الأمراض وتقوي مناعته وتقي من كثير من المشكلات النفسية كالقلق والاكتئاب، وحتى الزهايمر).
لا تركّز على تمارين (الكرش)!
من الأخطاء التي يعتقد الكثير بما فيهم بعض المدربين؛ أن مجرد قيامهم بأداء مئاتٍ من تمارين البطن سيحرق تلك الطبقة الشحمية التي تغلفها (الكرش)، وهذا أمر خاطئ، لأن التخلص من دهون البطن لن يتحقق بالتركيز على تمارين البطن وحدها، بل بالتركيز على حرق دهون الجسم بشكل عام، بممارسة التمارين الهوائية (كالجري والسباحة ونط الحبل والملاكمة) وتمارين الشد والإطالات للعضلات وحمل الأثقال، وبعبارة علمية، لا يمكن التقليل من أنسجة الدهون في مناطق معينة عن طريق العمل عليها تحديدا، فالجسم لديه ميل مستمر في الحفاظ على الدهون الاحتياطية لديه (في الرجال تكون في منطقة البطن، وفي منطقة الحوض لدى النساء)، وهذه عبارة عن خطوة تطورية تهدف إلى البقاء إذا ما تعرّض الجسم لأنظمة غذائية فقيرة وعشوائية.
تمارين أقل، لنتائج أفضل:
no pain no gain هي العبارة الأكثر شهرة وتداولاً في مجتمع المدربين والمتدربين في صالات الرياضة المختلفة في جميع أنحاء العالم، لكن الحقيقة وكما وردت في المجلس الأمريكي للتمارين الرياضيه ACE هي أنّ ممارسة النشاط البدني حتى الألم قد يسبب الضرر، فإذا ما كنت تدفع نفسك من حيث الحمل على العضلات والقلب والرئتين والعظام، فإنك تستهلك جسدك بالشكل الخاطئ، وتقصّر من عمره الفيزيائي والبيولوجي.
هل منكم من يستخدم أو عرف شخصا استخدم بدلات الساونا التي راجت تجارتها منذ حوالي عشر سنوات؟
هناك معلومة يتم التعامل معها كحقيقة في أوساط المدربين، تقول أنك إن لم تتعرق أثناء ممارسة التمارين فأنت لا تبذل مجهودًا كافيًا ولا تحرق سعرات حرارية، هذا ما يدفع الناس لارتداء ثياب الساونا أو إغلاق النوافذ والمراوح بغرض إجبار الجسم عل إفراز المزيد من العرق.
ونفى الخبراء تلك الخرافة، قائلين بأن التعرق ما هو إلا وسيلة الجسم لتبريد نفسه والوقاية من ارتفاع درجة حرارته، ولا علاقة له بعدد السعرات الحرارية التي تحرقها أثناء ممارسة التمارين، في الواقع، هناك أشخاص يمارسون تمارين قاسية وعنيفة دون أن تتعرق أجسادهم.
الجزء الأسوأ من هذه الخرافة، أنها تدفعك للتركيز على التعرق بغزارة، متناسياً شرب الماء لتعويض ما أفرزه الجسم من العرق، الأمر الذي يصيبك بالجفاف الذي يمكن أن يؤدي للوفاة.
تبدو خرافة أن الرياضي يستطيع أن يأكل مايشاء، هي التبرير الأكثر انتشارًا بين الناس لعاداتهم الغذائية الخاطئة، فلا تجعل الرياضة عذراً لتناول الأطعمة غير الصحية، حتى وإن كنت تحقق هدفك في إنقاص وزنك أو الحفاظ عليه، فالسمنة هي أقل أخطار تلك الأطعمة، فتناولها يسبب ارتفاع كبير في مستوى الطاقة، ويجعل الجسم والذهن في حالة من النشاط الدائم، مما يسبب مشاكل في النوم، والاكتئاب والمزاج السيء وانخفاض كبير في مستوى التركيز. (سنتطرق بالتفصيل لخرافات تتعلق بالتغذية في مقال لاحق).
ارفض القواعد والمسلّمات:
نصيحتي دوما، أنه عندما يعطيك أحدهم معلومة أو تجربة أو نصيحة بشأن ممارسة الرياضة (أو في أي شيءٍ عمومًا)، لا تأخذها كمسلّمات، بل ابحث عن حقيقتها، فليس كل ما ينتشر ويشاع بين الناس حقيقيٌ ويستند لأسسٌ علمية، خذ وقتك وحقك في القراءة والتعلم والبحث عن المصادر والأشخاص المستندين على أسس علمية ودراسات حديثة، فالكثير من النظريات التي تتعلق بهذا المجال تحديدا، وبصحة الإنسان بشكل عام، نُسِخت، وحلّ مكانها ما يجعل منها (خرافة)، تفتك بك صحيا أو جسديا أو نفسيا، وتضعك في دائرة مفرغة.