مكان لا يشبهنا .. يليق بكم!
سهير بشناق
11-10-2019 12:34 AM
ياخذونك لمكان آخر لا تريد ان تكون انت به، وكأنهم يزرعونك في ارض ليست ارضك وعالم ليس لك.
هم ليسوا غرباء عنك هم جزء من ايامك وحياتك لكنهم يرغمونك على ان تصبح غريبا عنهم.
هم ليسوا اكثر عطاءً منك ولا اكثر محبة من قلبك لكنهم يجعلونك تحبهم بالقدر الذي تصبح فكرة الابتعاد عنهم مؤلمة تترك الكثير من الالم في قلوبنا.
هم يدركون جيدا ان محبتك لهم جزء من وجودك وان المرات الكثيرة التي سامحتهم بها وتجاوزت عن اشياء كثيرة اكبر من مجرد اخطاء.
تجاوزت عن جروح وانكسارات ومساحات من التجاهل والشعور بالضعف لاجلهم.... لاجل ان تبقي صورهم حية باعماقك لا تستبدل ولا تفقد رونقها.
هم يدركون جيدا ان مثلك لن يتكرر بحياتهم ليس لانك تختصر «المثالية» بالبشر بل لانك تحبهم ولا ترغب بالخسارات وبقلبك مساحة كبيرة من القدرة على التحمل لانك تفهم الحب بانه عطاء وقدرة على احتواء الاخر بكل حالاته.
لكنهم ياخذونك لمكان آخر لا تريد ان تكون به ولا تريد لهم ان يكونوا بهم لانهم الاغلى.
مكان لا يشبهك بعطائك ومحبتك غريب عنك لم تعتد انت عليه ولم يعتادوا هم ان تكون انت به.
لكنهم لم يتوقفوا لحظة واحدة عن استنزاف ما باعماقك!
لم يحاولوا ان ياخذوا مكانك مرات ومرات ليكتشفوا كم فعلت لاجلهم وكم تنازلوا عن اشياء كثيرة لتبقوا بقلوبهم.
كانوا هم يقتربون ويبتعدون يعيشون حالات لم تكن تمتلك القدرة على فهمها لان العلاقات معهم هم يديرونها كما يرغبون.
لم يحاولوا ان يخرجوا من عالمهم ليروا عالمك كل ما يسيرهم «الانا» التي من خلالها يمتلكون بها ما يريدون.
يعلمون انك ضعيف اتجاهم ليس لانك ترغب بذلك او لانك تعجز ان تكون قويا بل لاجل انك تحبهم وتمنحهم باسم هذا الحب مساحات كبيرة من العطاء والتجاهل لما يصدر منهم لتستمر معهم وبهم....
فارق كبير بين العطاء لاجل الحب وبين العطاء لاجل الواجب ولاجل ان تمضي الحياة باقل الخسارات الممكنة.
فارق كبير بين ان نسامح مرات ومرات لاجل أننا نحبهم ولعدم رغبتنا بالتوقف دوما امام اخطائهم وبين ان نسامح ونحن نعلم جيدا انهم سيستمرون بايلامنا مرة تلو الاخرى وعلينا نحن ان نمتلك تلك القدرة العجيبة على التفهم والتجاوز عن كل ما يؤلمنا لاجلهم.
..هو، المكان الذي نحاول ان نراهم -كما هم -ليس كما نحب (...) ان نراهم واعتدنا عليها لسنوات مضت
مكان آخر نرى الحياة بها بشكل مختلف نتمكن ان نرى تلك اللوحة التي كانوا بها للمرة الاولى بلا رتوش وبلا الوان تجملها كنا نحن على مدار سنوات عمرنا نضعها بها لنراها الاجمل.
تغيرت قناعاتنا اليوم لربما اننا اصبحنا اكثر نضجا واكثر رغبة لحياة لا تعب بها لا تستنزف كل ما نملك....
تلك المساحة التي اصبحنا بها اليوم هي بخياراتهم ايضا لم نتمكن من مقاومتها كما لم نقاوم كل ضعف والم احاطونا به يوماً ما.
ذاك المكان الذي ياخذوننا اليه مكان ليس اقل الما مما جمعنا معهم برغم حبنا لهم هو مكان سيعيد تشكيلنا من جديد....
لنصبح نمر من امامهم ولا نراهم.....
ينتظرون عودتنا ولا نعود....
ينتظرون ان نسامح ونمضي معهم كما يشاءون ونحن لا نتمكن من اداء هذا الدور من جديد ليس لاننا توقفنا عن محبتهم فالحب يبقي لكنه يتغير يفقد دهشته ويفقد في كل مرة نتألم بها ممن نحب جزءاً من كيانه ووجوده ليبقي بالقلب لكن بقاءً باهتا لا روح فيه
ذاك المكان هو المكان الذي كنا نخشاه لسنوات مضت ان نصل اليه لاننا ندرك انه بعده لن نكون نحن وان بقيتم انتم
فذاك العطاء وتلك القدرة على التسامح وهذا الحب الكبير ليس ضمانات لكم على ان نكون قادرين على منحهم لكم طوال العمر برغم كل لحظة الم وكل لحظات يأس عشنا بها لاجلكم وبكم فهي لن تدوم بعد اليوم.
الرأي