يُقطَع لِسانُه أو يشتريه!
الشيخ سعود بن زهير
10-10-2019 04:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال صلى الله عليه وسلم: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" معتزاً بنسبه وقبيلته، مفاخراً لا متكبراً ، حيث حمته عشيرته الذي كان فيها اوسطهم نسباً من بطش الكفار. وقال فيه جعفر ابن ابي طالب مخاطبا النجاشي كنا قوما ذي جاهلية فأتانا رجلا نعرف نسبه وصدقه وامانته.
ومن بعد ذلك انتصرت جيوش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد الذي كان جيشه مقسما على اساس قبلي ، كل كتيبة عبارة عن قبيلة او عشيرة في العموم فاستبسلوا في القتال خوفا من معيار بعضهم بعضا.
ولم ينسى ذلك عمر بن الخطاب الذي ولىً عمر بن العاص على مصر قائلا له اذا وليت فيها" أي إذا عينت رجالا في مناصبها" فوليِ صاحب دين فخلق قحسب ونسب، اذا لم يردعه دينه ردعه خلقه واذا لم يردعه خلقه ردعه اصله ونسبه.
واكرم الرسول الكريم ابي سفيان حين قال" من دخل بيت ابي سفيان فهو امن " ليس لشخصه وانما لانه يمثل قبائل قريش وكنانة بزعامته وايمانا منه باهمية النسيج الاجتماعي القبلي الذي يميز البشر عن غيرهم من خلق الله برقيهم الانساني بعكس باقي الخلق الوحشي الحيواني.
وقبل ذلك بكثير احتل روما شعب الجيرمان نظراً لقوتهم المنحدرة من قبليتهم المتماسكة. وهذا حال الشعوب منذ الأزل وإلى أزلٍ غير ببعيد يفاخرون ويعتزون بأنسابهم.
وهذه هي إرادةُ الله تعالى حين قال: " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" بمعنى أن القاعدةَ للتعايش في الأرض أساسها التعارف ومعنى التعارف هنا النشاطات والتعاملات الإنسانية بكافة اشكالها والتي لا يجب ان تتم قبل علم المتعارفين بعضهم ببعض من اي قوم او عشيرة او قبيلة ينحدرون بحيث يسود الاحترام.
أما قوله تعالى: " إن اكرمكم عند الله اتقاكم " فهي القاعدة للحياة بعد الموت حيث يكرم الله تعالى من كان في قلبه تقوى ختاما لاعماله الصالحة وبعد ذلك يقول عز وجل" فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يوم إذن ولا يتساءلون " اي ان تعاملك مع الاخر لا يبنى على تقواه فالله هو الوحيد الكاشف على قلبه.
والان وبعد هذا الموجز المقتضب لاهمية القبيلة والعشيرة سنعود لعنوان المقال، يُقطَع لسانه او يشتريه؟ والذي يعتبر احد قوانين القبائل وتشريعاتها والذي يحكم فيه ابن زهير "المؤسس التاريخي لبيت القضاء العشائري في الاردن وفلسطين وصاحب الريادة والمرجعية"، على كل من يتناول بلسانهِ أعراض الناس وحرماتهم ان على خصومه ان يقطعوا لسانه او ان يشتريه بما يطلبه المجني عليه او ان يعفوعنه .
ولم ينسى ابن زهير حرمة البيت والدخيل والوجه والقصير" الجار الغريب" والجيرة لابن العم على ابنة عمه والغائها وصفات الشهود والاستشارة والحمية للقبيلة بالحق واحترام الكريم واحترام الكبير سنا واحترام الشجاع وغيرها، دون تفرقة بين المتنازعين في الدين او العرق. والتي سنعرج عليها لاحقاً.
في القرآن طالوت يقول لجنوده أثناء الزحف ( ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه الا قليلا منهم).
ربط الله الانتصار في المعركة في الانتصار على النفس ؛ وبرغم العطش لا تشربوا فإذا اشتد العطش كثيرا اشربوا غرفة بيدكم فماذا كانت النتيجة؟ ان غالبيتهم شربوا وقليلا منهم لم يشربوا؛ وهؤلاء القلة القليلة هم في كل عصر شعارهم نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره؛ وهاتين الكلمتين فيهما النجاة. وهؤلاء القلة خلق الله الدنيا كلها لكي يفرزهم، يفرز هؤلاء القلة من الكثرة خلق الدنيا لكي يفرزهم ولكي يفرد لهم جنات كرمه في الاخرة لان هؤلاء القلة هم اهله الذين هم اهله اما الباقي فهم حطب الشهوات في الدنيا وحطب النار في. الآخرة. ربنا اجعلنا ممن نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره.
وكما نوهت في بداية المقال الى اهمية القبيلة والعشيرة في النصر والفلاح دنيا وآخرة مدعما بذلك آيات الله وقول رسوله وسنة صحابته الا انه لا تزال رغبات البعض وارادتهم تعارض هذا الفكر ليس لنقص المعرفة بل مكابرة ذلك أن الارادة والرغبة تعلو على الحقيقة والمنطق والحجج بل هي تسخر العقل لاغراضها ، عندما تريد شيء تبدأ بتبريره..
لان.. ولكي.. وحيثما وتسخر العقل لكي يخدم ارادتك وعندما تزهد هذا الشيء ولا تريده تبدأ من جديد تفبرك منطق ثاني.. لكي.. ولأن.. وحيثما وتسخر العقل لكي يخدم ارادتك الجديدة.
ربنا لا تجعلنا مما قلت فيهم ( لهم أعين لا يبصرون بها) ربنا وجملنا بالاخلاق.
ونذكركم بدور القبائل المسيحية والمسلمة في الأردن وفلسطين في تحرير القدس عبر الزمان ماقبل صلاح الدين وما بعده.