اضراب المعلمين من المنتصر ومن المهزوم
اللواء المتقاعد مروان العمد
10-10-2019 01:13 PM
ما ان اعلن التوصل الى اتفاق ما بين ممثلين عن الحكومة وممثلين عن نقابة المعلمين بعد مفاوضات مراثونية حتى اُعلن انتصار النقابة وتم زف البشرى وتوجيه عبارات التهنئة للنقابة والتمجيد لبطولاتها في حربها مع الحكومة وتم توزيع الحلوى والسكاكر بهذه المناسبة السعيدة . ولا ادري على من كان نصرها وهل كانت النقابة تخوض معركة حتى تعلن انتصارها ؟ وهل الحكومة ومهما اختلفنا بشأنها هي العدو الذي نفرح لهزيمته ؟ وهل تعتبرون هذا النصر نصراً ديمقراطياً او عرساً ديمقراطياً ؟ هل يستحق هذا النصر الاثمان التي دفعناها مقابله ؟ هل يستحق ذلك تعليق العملية التعليمية واخذ الطلبة رهائن وان كانوا في بيوتهم الى ان تتحقق المطالب وتدفع الفدية المطلوبة ؟ هل يستحق هذا النصر كل هذا الانقسام الذي اصاب مجتمعنا خلال هذا الشهر فنقسمنا فسطاطين ، فسطاطاً يدعم الاضراب وفسطاطاً يدينه ، واخذنا نتبادل التجريح والاتهام وانقسمنا ما بين معارضة وسحيجة ؟
لقد انتهى هذا العرس الديمقراطي والذي اعطينا به مثلاً لأسوء ما في الديمقراطية من ممارسات ، ولكن هل هذه النتيجة هي نصراً لطرف على طرف آخر ام هي حكمة سيد البلاد الذي اصدر تعليماته بضرورة طي هذه الصفحة المخزية من تاريخنا بأي ثمن . والذي غرد بعد ذلك على صفحته وقال ( سعادتي بروئية الطلبة في مدارسهم كبيرة ، واهنئ المعلمين ليومهم العالمي . تابعت تفاصيل الإضراب وبعضها كان مؤلماً بعبثيتة واجنداته البعيدة عن مصلحة الطالب والمعلم والتعليم ، فكان لابد من انهاء الإستعصاء خدمة للعملية التعليمية . الثمن الأكبر كان تعريض مصلحة الطلبة للإعاقة ، وهذا يجب الايتكرر ) .
وبعد هذه التغريدة الملكية انقسم المحللون حول من يقصد جلالته بها ولمن هي موجهة ولمن يحمل جلالته مسؤولية هذه الأحداث هل هي الحكومة ام النقابة مع تجاهل ان جلالة الملك وعندما يريد مخاطبة الحكومة فهو ليس بحاجة الى تغريدة على احدى وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبتها . ولو انه كان يقصد الحكومة بكلمة عبثيتة واجنداتة البعيدة عن مصلحة الطالب لما أبقى الوزارة تُمارس عملها ثانية واحدة . فهو قد يتحمل بعض أخطاء الحكومة ولكنه لن يتحمل عبثها في البلاد ولا خدمتها لأجندات معينة .
انه تدخل وطلب من الحكومة إنهاء هذا الاستعصاء بقضية المعلمين والخروج بحل مهما كان الثمن لقلقه على مستقبل طلابنا . وان من قصدهم جلالته في تغريدتة
هم اصحاب الصوت العالي في النقابة الذين خرجوا عن ادبيات الحوار وأساليبه والذين عبثوا بمستقبل طلبتنا هم ومن يقف خلفهم والذين هم أنفسهم الذين ظهروا على السطح من خلال وقوفهم على أبواب النقابة في تلك الليلة المراثونية من المباحثات لكي يمارسوا مزاوداتهم ويلقون خطاباتهم مستبقين الاعلان عن نتائج المباحثات في محاولة لسرقة الحدث او الانتصار حسب تعبيرهم وكما هي عادتهم دائماً فهم لا يظهرون على السطح الا لقطف الثمار واكل ارباحها كما فعلوا في الثورة المصرية على حكم حسني مبارك عندما قاموا بأختطافها في الأمتار القليلة الأخيرة ولم يحسنوا ادارتها مما أورد مصر موارد الهلاك الذي هي عليه الآن . وهم من وجه لهم جلالته التحذير بأن هذا يجب ان لا يتكرر .
اما الحكومة فقد اثبت المفاوض عنها فشله في مرحلة المناورة واظهر ضعفاً في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب . واثبت فشله في مرحلة المفاوضات الأخيرة عندما حاول ان يعمل بتوجيهات جلالة الملك بضرورة الخروج من حالة الإستعصاء تلك وذلك بالمبالغة بتقديم التنازلات
وانا هنا لا اعتبر ما حصل عليه المعلمون من علاوات تنازلاً وابارك لهم به وهم يستحقونه . ولا اعتبر الأعتذار الذي قدمته الحكومة للمعلمين تنازلاً فهم ربما يستحقونه وان كنت انا لا ارى فيما قدمته الحكومة اعتذاراً بل هو مجرد اعلان اسف عن بعض الأحداث التي حصلت في الخامس من الشهر الماضي حيث قال الرئيس ( تأسف الحكومة لأي حدث انتقص من كرامة المعلمين ونلتزم بإستكمال التحقيق والأخذ بنتائجه ، ننتظر تقرير التحقيق من المركز الوطني لحقوق الإنسان لإتخاذ الإجراءات المناسبة ) حيث ان هذا النص لا يتعرض لإي إجراء او قرار اتخذته الحكومة بالإدانة او النقد بل هو يتعلق ببعض التجاوزات المزعومة التي قد تكون حصلت في ذلك اليوم مع وعد بمحاسبة المسؤولين عنها في حال ثبوت ذلك .
وفي مجال الاعتذار والذي كانت تطالب به النقابة كشرط لدخولها في اي حوار مع الحكومة لرفع الإضراب فأني آخذ على الحكومة عدم إصرارها على ان تصدر النقابة بالمقابل اعتذارا عن أية أضرار قد سببها اعتصام المعلمين واصرارهم على ان يكون الدوار الرابع ميداناً لإعتصامهم بدلاً من المكان الدي حددتة لهم الداخلية بموجب صلاحياتها وما اعقب ذلك من فوضى واعاقة حركة السير واغلاق الشوارع والتصادم مع الاجهزة الامنية . واعتذارها للطلاب ولذويهم ولجميع المواطنين الذين تضررت أعمالهم ومصالحهم نتيجة الإضراب الذي اعلنته دون ان يكون لهم ذنباً فيما حصل . وآخذ على النقابة انها لم تبادر وتفعل ذلك من تلقاء نفسها وتقدم هذا الإعتذار بعد توقيعها للاتفاق مع الحكومة ورفعها للإضراب .
للقد خرج الجميع خاسرين من هذا الاضراب ، النقابة والمعلمين والحكومة والشعب والطلاب وذويهم ومستقبل العملية التعليمية برمتها وسوف تنعكس هذه الخسارة على الجميع في قادم الايام رغم بعض الانتصارات التي حققها هذا الطرف او ذاك والتي تخفي في ثناياها حقول الغام قد تتفجر ذات يوم وعنها سيكون حديثي الاخير .