يروى أن فقيها حنفيا، ومتزمتا لأهل السنة و الحديث كان من أشد المعادين لابن عربي، وقام باحدى المرات بربط كتبه في ذيل كلب وجرها في المدينة، وقد بلغ به الأمر الى أن يحرق ما يقدر عليه من كتب لابن عربي .
لربما هذه ليست الصورة الوحيدة للدوغمائية في التراث الاسلامي . وكيف وصلت عقلية الاقصاء و توظيف الاهانة و الاستحقار للكتاب و العلم و المعرفة و الرأي الاخر .
ابن عربي يروي أنه قد رد يوما على شخص كان يشتمه و يسبه في الطريق العام قائلا : إنه ما يسبني، هذا تصورت له صفات ذميمة فهو يسب تلك الصفات، ولست موصوفاً بها.
اعمال ابن عربي تصوروا بانها في عصور ممتدة كانت ممنوعة من العرض و النشر و التدوال في ديار الاسلام، وان عثر عليها تحرق ويلحق الاذى بحاملها، وكانت تصدر مراسيم من الخلفاء و الملوك لمنع كتب ابن عربي و فلاسفة ومتصوفة اخرين .
في التراث الاسلامي، العقل السني بنى أسوارا منعت إنتاج اسئلة عن الدين والمجتمع و الدولة و الاخر، و صادروا التأويل، و سلموا بالظاهر النصي، والطاعة المطلقة لولي الأمر . وحكموا بصرامة السلطة المطلقة على تعطيل الاختلاف و التعددية والاجتهاد .
ابن عربي و كذلك ابن رشد بنيا فكرا تجديدا في الاسلام، و روح التسامح و التصالح و الرحمة، وقاتلا حملة رايات التكفير والتضليل و احادي الرأي .
تكلم ابن عربي باسم الله الرحمن الرحيم الغفور التواب و العليم، وبنى متسعا من الرحابة في العقل السني، قدمها بصورة روحية جعلت الرحمة و التسامح والمحبة مركز معرفتها، القبول بالاخر وتعدديتهم هو مبدأها، دائرة وحدة الوجود».
فكرة وحدة الوجود قدمت تصورات خارجة عن جدلية الكلام و العقائد في مسألة الملل و الفرق، وكما صيغت في العقلية السنية ضد كل من يخرج عن سلطة الخليفة السياسي . ابن عربي فتح سؤالا كان مغلقا في الاسلام السني، عن الحرية و تصرف في مجازات الالوهية لتستوعب الاخر ومعتقداته، وذلك ضمن وحدة إنسانية.
الدستور