صديقي الدبلوماسي العتيق يهوى ممارسة "اليوغا" فيقف على رأسه ساعات طوال, لاعتقاده ان هذه الرياضة تساعد على التركيز وانعاش الذاكرة ايضاً.. سألته مازحاً: الا ترى الأمور مقلوبة بسبب هذه الرياضة?!.
لم يجبني صديقي على هذا السؤال حتى الساعة, لان جرس هاتفه النقال رن فجأة وانشغل بمكالمة طويلة أنسته العودة الى ذات الحديث والاجابة على سؤالي, رغم انه يمارس رياضة »اليوغا« بهدف المحافظة على قوة التركيز وانعاش الذاكرة...
الحقيقة أنني اليوم أرى الامة كلها تقف على رأسها, وترى الأمور مقلوبة, حتى طبخة المقلوبة أصبحت الوجبة المفضلة لدى غالبية الناس, لأن الكثير من الأمور التي تحدث محيرة ولا نجد لها أي تفسير في علم السلوك, وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية...
ففي اليوم الذي تنعقد فيه قمة الأمن الغذائي العالمي "قمة الجوع" في روما, لا نجد أي متابعة أو اهتمام عربي بهذا الحدث, مثل البحث في الأمن الغذائي العربي, وايجاد سبل عربية موحدة لمكافحة الجوع والفقر, أو البحث عن وسائل زراعية وصناعية تكاملية عربية لتوفير الغذاء, لسد حاجة السوق من الغذاء ولتحرير القرار السياسي والاقتصادي العربي من الهيمنة والضغوط الغربية, لأننا نعرف ان من ملك قوتك ملك حريتك...
في هذا اليوم, شاهدنا, في غياب الانجازات الكبيرة والانتصارات العظيمة من يحتفل بدخول »موسوعة غينيس« من بوابة أكبر طبق طاجن في العالم, وقبلها, أكبر»صحن تبولة" وقبلها »سدر كبسه", هكذا نبحث عن المجد عبر الطبيخ أو الازياء, أو كرة القدم التي اثارت حرب "داحس والغبراء" بين الجزائر ومصر بسبب حمى الرياضة وبسبب الحشد والتحريض الاعلامي على الجبهتين, وفي غياب الروح الرياضية, واخوة الدم والمصير, التي تحتم علينا الاعتزاز بأي فريق عربي يصل الى نهائيات مباريات كأس العالم, ونحن نعرف ان من حق كل فريق ان يسعى الى الفوز, ومن حق جمهوره ان يشجعه ويتحمس له, ولكن ضمن حدود الروح الرياضية... وبعيداً عن الكراهية والتحريض وارتكاب الاخطاء والضرب تحت الحزام التي تشوه صورة الرياضة العربية, وتمس العلاقات بين الاشقاء...
نحن نعرف ان للفوز طعمه الطيب, وان الفشل مر, ولكن الأمور في الملاعب يجب ان لا تتجاوز المنافسة داخل حدود الملعب, فهي لعبة كرة قدم لا أكثر ولا أقل, فهناك قضايا اكبر واخطر تتعلق بمصير امة تقف على رأسها الآن, نريدها ان تعود لطبيعتها وتقف على رجليها, وتواجه مصيرها وتواجه التحديات الكبرى وتتعامل مع المخاطر التي تحدق بها من كل الجهات...
في النهاية اريد ان الفت النظر الى ان المغرب وتونس والبحرين خرجت من التنافس ولن تتوجه الى نهائيات كأس العالم بعدما هزمت من فرق أجنبية وخرجت بصمت من دون أي غضب او شغب او اشتباك أو تحريض, فلماذا تنتهي المباريات بين المنتخبات العربية بهذه "الزفة", وهل اصبحت الرياضة مثل السياسة?!.
Kawash.m@gmail.com