الأردنيون والسياسة الخارجية
د. فارس بريزات
09-10-2019 12:24 AM
تزداد العقلانية التي عبر عنها الرأي العام الأردني غير مرة في تقييمه للأوضاع الداخلية والخارجية رسوخاً لأن المجتمع الأردني واقعي على الأغلب ويُقيّم بناء على ما يرى من متغيرات تتعلق بالحقائق أو المعلومات او قناعات راسخة لدى الناس قلما تتأثر بتقلبات السياسة الدولية في المنطقة.
كما أن التزام الأردنيين بمواقف قومية تجاه القضايا العربية يُفسر تقييم الرأي العام الأردني لتوجهات السياسة الخارجية الأردنية في هذه القضايا. يتضح ذلك جلياً من نتائج المرحلة الثانية من استطلاع الرأي العام الأردني حول السياسة الخارجية الذي نفذته نماء للاستشارات الاستراتيجية في شهر آب 2019 على عينة وطنية من 1198 مقابلة في مناطق المملكة كافة.
على الرغم من وجود معاهدة سلام مع إسرائيل، إلا أن الأردنيين عموما لا يثقون بها. إذ تعتقد الأغلبية 86 % أن منطقة الشرق الأوسط غير آمنة وغير مستقرة. ويُحمّل 50 % منهم إسرائيل مسؤولية عدم الاستقرار والعنف في المنطقة، و26 % يحملون المسؤولية للولايات المتحدة، و7 % لإيران.
وعلى الرغم من تثمين الأغلبية الكبرى من الأردنيين للعلاقة السياسية مع الولايات المتتحدة، إلا أن 92 % منهم “غير راضين على الإطلاق” عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع عملية السلام.
وشهد هذا الموقف مزيدا من عدم الرضا مقارنة بما كان عليه العام 2004. ولعل لهذا الموقف ارتباطا بما قامت به إدارة الرئيس ترامب من أفعال لاقت موقفا أردنيا رافضا على الصعيدين الرسمي والشعبي. إذ خلص الاستطلاع إلى أن 98 % لا يتفقون مع قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها للقدس.
وأيد 99 % موقف جلالة الملك بخصوص القدس الرافض لنقل السفارة الاميركية لها. كما ترفض الأغلبية الكبرى من الأردنيين بعض المقترحات التي أنتجتها بعض الاحزاب الاسرائيلية وتبنتها بعض أطراف الادارة الاميركية بخصوص حل القضية الفلسطينية، إذ أيد 98% موقف جلالة الملك الرافض لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن.
وتُحمّل الأغلبية من الأردنيين إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية عدم إحراز تقدم في عملية السلام. إذ حمّل 44 % إسرائيل مسؤولية عدم التقدم في عملية السلام. و31 % يحملون المسؤولية للولايات المتحدة، 14 % للدول العربية، و7 % للفلسطينيين.
كشفت الدراسة التي سيتم إطلاقها الاسبوع القادم عن تفاصيل كثيرة تتعلق بما يريده الناس من الدولة في السياسة الخارجية من ناحية التحالفات وتعزيز العلاقات أوخفضها مع بعض الدول وخصوصاً في دعم دولة حليفة ضد أخرى، وما هي الحلول التي يؤيدها الأردنيون للصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين وأي الدول تشكل مصدر تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة.
ليس من السهل إدارة السياسة الخارجية في إقليم تتلاطم أمواجه السياسية والاستراتيجية وتتداخل بعوامل الدين والقومية والمصالح التجارية والاستقرار والعنف ووكلاء الحروب وأمن الطاقة والارهاب والثورات المتتالية. وعلى الرغم من كل هذه التعقيدات يُبدي الرأي العام الأردني مواقف وتقييمات لعلاقات الأردن الخارجية تنم عن تقدير للمصالح مع الاحتفاظ بالموقف الناقد.
الغد