من سلوكيات مجتمعنا الأردني 6
أبو جون
08-10-2019 03:41 PM
تعد الواسطة والمحسوبية من أخطر أنواع الفساد الإداري ؛ لأنهما تؤديان إلى إفراغ المؤسسات العامة والخاصة من ذوي الكفاءات والمهارات لصالح غير الكفؤين، وغير المؤهلين.
وفي مجتمعنا الأردني تتجلى هذه الظاهرة وتنتشر في مؤسساتنا لأسباب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر:
- قوة الرابطة القبلية والجهوية المناطقية في الأردن ؛ حيث يقوم المسؤول بمحاباة أقربائه و أهل منطقته ليكسب رضاهم أولاً ،وليوسع من دائرة نفوذه الشخصي ثانياً.
- غياب روح الإنتماء للدولة لصالح المنفعة الشخصية والجهوية ؛بحيث تعطى الوظائف لابن رابطة الدم أو المنطقة ، مما يؤدي إلى توسيد مدراء الإدارات والوظائف إلى أشخاص غير جديرين بحمل هذه الأمانة.
- غياب الشفافية في المؤسسات لأن القائمين عليها تحكمهم المصالح الخاصة أو القرابة أو الجهوية مما يؤدي إلى غياب وتعطل معايير الشفافية في إختيار الأشخاص.
هذه بعض الأسباب التي تؤدي بمجتمعنا إلى الإفراط في إنتهاج سلوك المحسوبية ، والغريب أن الأردني يرفض هذا السلوك على الصعيد النظري ويقبله على صعيد الممارسة اليومية!!
ولعلاج هذه الظاهرة حاولت مؤسسات الدولة الأردنية معالجتها من خلال التشريعات و اللوائح والأنظمة والبرامج الدينية التثقيفية لكن لا حياة لمن تنادي . بل أن مجتمعنا يكاد يحارب أي مسؤول ينادي بمحاربة الواسطة وممارسة الشفافية والعدالة في التوظيف فيتهمونه بأنه ضد القبيلة الفلانية أو ضد الشريحة الاجتماعية الفلانية ، فلا عجب من ذلك فهو لم يوظف ابنها غير المؤهل ، و اختار توظيف ذلك الكفؤ الذي لا ينتمي لفصيلتهم وزمرتهم القرابية!!
ويبدو لي أن حالة الإستعصاء السيكولوجية التي تحكم سلوكياتنا هي التي تمنع تخلصنا من هذا السرطان الإداري الذي سيبقى متحكماً في نخاع لا وعينا الجمعي ، وبالتالي يؤدي إلى إنهيار منظومة الشفافية والعدالة الاجتماعية في مجتمعنا.
في نظري أن هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة قد ساهمت في تفشي ظاهرة الفساد التي يشكو منها شعبنا ،لذلك إذا أردنا مكافحتها فالمسؤولية تقع على عواتقنا جميعا كمجتمع بكافة شرائحه ومكوناته. لذلك كله، علينا كمجتمع أن نتهم أنفسنا ومن ثم نتوافق نظرياً وعملياً على التخلص من هذا المرض السرطاني.