يقال على ذمة الراوي ، وذمته بلا حدود ، ان احدى شركات الاتصالات ، أبدعت تقنية جديدة ، تقوم على فصل الخط خلال حديثك ، مما يجبرك على اعادة المكالمة ، مرة ثانية.
التقنية التي لا يمكن الحسم بشأنها تضمن للشركة تحت عنوان ان الشبكة مشغولة ، توريطك في دقيقة ثانية ، قد تتحدث مع منزلك ، وتريد اخبارهم انك ستجلب الخبز معك ، ومدة المكالمة هنا لا تتجاوز الثلاثين ثانية ، او ضمن حدود الدقيقة ، وهي على شكل برقية ، وما ان يفتح الخط وتبدأ بالكلام المشفّر وغير المشفّر ، حتى ينقطع الخط ، وتظهر جملة "الشبكة مشغولة" حاول مرة اخرى ، وتجد نفسك امام دقيقة ثانية ، فتكون الشركة الذكية ، قد أجبرتك ، على الحديث لمدة دقيقتين ، واوقعت عشرات الاف المشتركين بذات الفخ ، وانت تظن ان الضغط هائل على الشبكة ، وتصّدق القصة ، باعتبار ان النزاهة فوق كل شيء.
الامر ينطوي على خدعة كبيرة ، فاذا كانت هذه الشركة او تلك التي تفعل هذه الافاعيل ، تحصد الاف الدقائق وكلفتها من جيوب الناس ، دون ان تتدخل أي جهة رسمية مختصة لتتأكد من هذه الرواية ، ونبقى مستسلمين لما يقال ظاهراً ان هناك ضغطا على كل الشبكات ، وان الانقطاع امر طبيعي ، فهذا يعني ان ما قلته سابقا من كون "حارة كل من ايده اله" في القطاعات الاقتصادية ، امرا بات واقعا ، خصوصا ، ان لا احد يسأل ولا احد يدقق ، والكل مشغول فقط بنفي المعلومات ، وتكذيب الكاتب الصحفي او الصحيفة ، لان كلفة التكذيب لا تتجاوز بيانا من بضعة سطور ، كلفته خمسة دنانير ، تضمن تدفق الاف القروش كل ساعة ، الى جيب هذه الشركة او تلك.
اما اذا كان الانقطاع طبيعيا ، فهي مشكلة اخرى ، تثبت ان بعض شبكاتنا غير محّدثة ، او غير كافية ، وربما تعرض الانسان الى كارثة حين يضطر أن يتحدث في أي وضع طارئ ، كأن تتعطل سيارته في مكان بعيد ، او ان تحاصره الفيضانات ، او اي ظرف آخر. في الحالتين لا يمكن السكوت على قصة "الشبكة مشغولة.. حاول مرة اخرى" ، فهي قصة مزعجة ومهما قلّبت وجوهها فسوف تكتشف انك تدفع مالا زائدا ، في مكالمات محلية ودولية ، لاناس يسلبونك الكترونيا ، وانت لا تعرف ، او تعرف.. ولم لا يفعلون ذلك ، وهم يعرفون ان المواطن سيدفع وهو ساكت.
لا نتهم شركة بأم عينها ، لكننا نتحدث عن ظاهرة هنا تؤدي الى هدر عشرات الاف الدقائق ، وتكبيد المتكلمين كلفتها ، خصوصا ، ان نصف مكالماتنا تبدأ بسؤال معتاد يقول (شو في ما في) فيرد عليك الطرف الاخر بقوله (صافية وافية) ، وهذه وحدها تكّلف ملايين الدنانير سنويا ، فمابالك حين تضطر لاعادة السؤال. وتكتشف انها "صافية وافية" فقط حين يأخذون مالك من جيبك ، وانت تتفرج،.
ليست شبكة الهاتف الخلوي وحدها مشغولة ، فلم تبق شبكة غير خلوية الا وانشغلت في جمع قروشنا ، باعتبار ان عدوى "الشبكة مشغولة" شملت الجميع.
mtair@addustour.com.jo