منذ تسلم وزير الداخلية منصبه في شباط (فبراير) الماضي وهو يهدر بالوعيد والتهديد ضد جهات قال، منذ زمن بعيد، إنه عازم على كشفها أمام الرأي العام وإظهار أجندتها غير الوطنية والمدسوسة والمأجورة.
ولم تأت خارج هذا السياق تصريحاته أمس عن الحملات المنظمة التي تقوم بها بعض الجهات والأشخاص لتضخيم أحداث العنف الأخيرة "لتشويه استقرار وأمن الوطن". وقال الوزير إنه يعلم دوافع هؤلاء ويعلم من يقف خلفهم "سواء بالتحريض أو بالتضخيم" واعدا أن يكشف "هؤلاء للأردنيين ليعلموا من معهم ومن عليهم".
وسبق هذا التصريح تهديد آخر أطلقه منذ أشهر ضد منظمات تتلقى تمويلا أجنبيا، حيث أعلن أنه سيكشف ملفاتهم ويعرضها أمام الرأي العام، وها نحن ما نزال ننتظر.
كما كان السيد الوزير وعد، لدى استقباله في 3/8/2009 وفدا من شيوخ ووجهاء عشيرة العلاونة، بتحديد ظروف وملابسات إصابة ابنهم عاهد العلاونة في أحداث ميناء العقبة، مبينا أنه أوعز بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في ملابسات الحادثة ومعرفة حقيقة الأمور أثناء الاعتصام الذي شارك فيه عاهد، ولم يجر إعلان أي شيء له صلة بمجريات التحقيق، ولم نسمع عن أي إجراءات اتخذت بحق المتسببين بتلك الحادثة.
وفي تصريحاته أمس وعد وزير الداخلية بمعاقبة "المخطئ والمعتدي من رجال الأمن مهما كانت رتبته أو درجته ضمن القانون والنظام". ثم استدرك: "رغم علمنا وقناعتنا بأنه ينفذ التعليمات ويطبق القانون"!!.
وكنت طالعت للسيد الوزير حوارا نشرته الزميلة "العرب اليوم" في 24/6/2009 اتهم فيه إسرائيل بـ"محاولة العبث بالأمن الأردني"، نافيا "بشكل قاطع أن يكون لدى وزارته خطط لتنفيذ حملة لسحب الجنسية من أردنيين من أصل فلسطيني. وقال إن هذه أنباء عارية عن الصحة".
وراح الوزير يتهم الحملة التي قال إنها تشن ضده بأنها "تأتي في إطار الاصطفاف مع المشروع الإسرائيلي الذي أعلنه نتنياهو".
ورغم ذلك، تفيد إحصائيات رسمية لدائرة المتابعة والتفتيش بأن 2732 مواطنا فقدوا جنسيتهم الأردنية خلال الفترة من العام 2004 وحتى نهاية 2008، فضلا عن 190 شخصا فقدوا جنسيتهم خلال الأشهر من شباط (فبراير) إلى حزيران (يونيو) من العام الحالي.
وزير الداخلية شدد غير مرة على أن احترام حقوق الإنسان في ظل مبدأ سيادة القانون يدخل في صلب الولاية القانونية لوزارة الداخلية. كما أكد ضرورة السماح للمحامي بحضور التحقيق الذي يقوم به الحاكم الإداري مع الشخص المشتبه به حيال ما ينسب إليه.
وبعد هذا التصريح فقد الوطن صادم السعود وفخري عناني. وقبل هذا التصريح كان مواطنون يشكون من سوء معاملة أفراد شرطة لهم في مراكز التوقيف وتعذيبهم وامتهان كرامتهم.
دعونا نعترف بأنه ما لم تجر محاكمات شفافة لكل فرد من أفراد الأمن يستخدم القوة في غير مكانها ودونما مبرر منطقي لها، فإننا سنشهد عنفا مجتمعيا مضادا، وسنعض أيادينا ندما، لأن صرخاتنا التحذيرية بمعالجة الأمور قبل استفحالها لم تذهب هباء فقط، وإنما قادتنا إلى التصنيف ضمن أعداء الوطن أصحاب الأجندة المشبوهة التي تصطف مع نتنياهو، وسيقوم وزير الداخلية بكشفها أمام الأردنيين كافة.
m.barhouma.alghad.jo
* الزميل الكاتب رئيس تحرير يومية الغد