حتى نطور المفاهيم النضالية
يوسف عبدالله محمود
07-10-2019 01:50 AM
الكل يعلم اليوم اننا كعرب نعيش أزمة غير مسبوقة إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي او الاجتماعي.
عجزنا بات واضحاً في عدم قدرتنا على مواجهة تحديات العصر. الامبرياليون سيتخفون بنا يريدون فرض "عقلانيتهم الرأسمالية" علينا. وبالتالي علينا –في نظرهم- قبول هذه العقلانية الرأسمالية او الانكفاء على "التخلف"، والتخلف –كما يرون- هو التعلق ب"الخصوصيات الثابتة" العاجزة عن مواكبة حداثة العصر!
ومع الاسف وفي ظل الانقسامات والخلافات العربية/العربية التي وصلت الى حد امتشاق السلاح بين الاشقاء لا يبدو ان هناك بصيص امل في تطوير مفاهيم نضالية تنقذنا من هذا التخلف الشائن.
ولنصارح انفسنا أكثر، هناك "اسلام تقليدي" يرفض اي حديث عن "الحداثة" و"الديمقراطية" زاعماً أنها بدعتان غربيتان يتناقضان وجوهر الشريعة الإسلامية!
من قال هذا؟
إن "الحداثة" ليست كفراً أو خروجاً عن الدين. إنها كما وصفها ذات مرة المفكر الكبير الراحل د. سمير أمين "هي انقلاب ايديولوجي وفكري وجوهري"، يؤكد ان الانسان هو الصانع لتاريخه. (ثقافة العولمة وعولمة الثقافة، ص 101، دار الفكر المعاصر، بيروت).
سمير امين كصادق العظم وبرهان غليون يعتبر "نبذ الحداثة تنازلاً عن العمل المسؤول في سبيل صنع التاريح، كما أن الدعوة بالأصالة لا تعني في هذه الظروف عدا محاولة ايقاف سير التاريخ". (ص 101)
إن تطوير المفاهيم النضالية في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة يتطلب جرأة في مواجهة التحديات الامبريالية وقدرة على اجتراح نهج تحرري قادر على بناء مجتمعات عربية كاملة السيادة ذات قرار مستقل.
إن ادمان "التخلف" يدفع الانظمة السياسية الى الكذب في الممارسة السياسية، فهي تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر.
علينا ان ندرك كعرب ان استراتيجية الامبرياليين، وكما يضيف سمير أمين، هدفها "ادارة العالم كما لو كان سوقاً". (ص 104)
من هنا فان هذه الاستراتيجية قد نجحت –مع الاسف- في تدمير سلطة الدولة في كثير من بلداننا العربية وغير العربية، كما انها شرعنت "الممارسات التفتيتية لكيانات هذه الدول!
أما الهدف من كل ذلك فهو هيمنة الامبريالية العالمية على المجال السياسي لدولنا، وترك بعض "الوظائف المتواضعة" للسلطات الحاكمة فيها!
وكما يقول د. صادق العظم متفقاً مع سمير أمين: "فالنظام الامبريالي لا يكتفي بإعادة انتاج التخلف بل يعمل على تعميقة وتطويره وتنميته". (د. صادق العظم: "ذهنية التحريم"، ص 149).
الخلاصة اننا مدعوون كعرب الى عملية "نقد ذاتي" تعترف بتخلف انظمتنا الاجتماعية والثقافية التي تهيمن عليها سلطة سياسية ترفض الاعتراف بهذا التخلف لسبب او لآخر، مما يسهل اختراق الامبريالية لكياناتنا.