إيران لا تشكل خطرا مباشرا على الأردن،
ياسر ابوهلاله
15-11-2009 06:13 AM
في القمة العربية التي انعقدت في القاهرة عام 1996 كان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد يحاول تنبيه العرب إلى الخطر التركي. فإسرائيل تحاصر سورية عن طريق الحليف التركي، وهي تحتل الإسكندرون "اللواء السليب" قبل أن يحتل الإسرائيليون مرتفعات الجولان.
وحافظ الأسد نفسه من عائلة عربية شردها الأتراك. وفي نظام البعث الآخر كان صدام قد خاض "قادسية" ضد نظام الخميني لتحرير عربستان. وفي الأثناء لا يهنأ بال للعرب طالما أن إيران تحتل الجزر الإمارتية.
ثبت أن العرب غير قادرين على هزيمة تركيا أو إيران، وبالمحصلة سلمت سورية زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان بشكل غير مباشر، وقبل صدام من إيران بما لم يقبل به زعيم في تاريخ العراق. ومع ذلك ظلت أصوات سائدة تحذر من الخطر الإيراني والخطر التركي. جلها من أجل التقليل من الخطر الصهيوني وبعضها بدوافع قومية محضة.
وفي تشخيص الخطرين الإيراني والتركي يظل العامل الخارجي حاسما. فمصلحة أميركا وإسرائيل تجنيد العرب ضد إيران. تماما كما أن من مصلحتهما تهميش تركيا وإبقاء إسرائيل قوة متفردة في المنطقة. أو إن أمكن تجنيد تركيا في مواجهة إيران. وبعيدا عن العامل الخارجي يظل للبلدين مطامح إقليمية والدول ليست جميعات خيرية تعمل لوجه الله.
أسوأ ما في تشخيص الخطر الإيراني هو التحريض المذهبي، ويمكن ملاحظة ذلك في الحديث عن الأحزاب الشيعية العراقية وحزب الله والحوثيين. وتحريض غبي كهذا يدفع بالشيعة إلى حضن إيران دفعا، ويمزق نسيح المجتمعات التي يشكل الشيعة جزءا اساسيا من نسيجها الوطني.
لنقارن كيف تعاملت تركيا مع "الخطر"الإيراني، قبل زيارة أردوغان التاريخية بأكثر من عقد، كان شيخه نجم الدين قد زارها معلنا عن مشروع الغاز واصفا اياه بمشروع القرن. قد يتحقق الحلم وتصبح تركيا ممر الغاز والنفط إلى أوروبا. وهي بالطاقة والأسواق مستغنية عن الاتحاد الأوروبي.
في الأمم المتحدة تحدث أردوغان بلغة غير مسبوقة عن إيران "نحن ضد وجود اسلحة نووية في الشرق الاوسط، لكن في الشرق الاوسط يوجد بلد عنده سلاح نووي هو اسرائيل، الفارق ان اسرائيل ليست موقعة على اتفاقية منع الاسلحة النووية، فيما ايران موقعة عليها".
وتابع: "لقد استخدمت اسرائيل الفوسفور ضد غزة. ما هذا؟ سلاح دمار شامل. ونتيجته قتل 1400 امرأة وطفل وجرح 5 آلاف شخص. فلماذا لا نتحدث عن هذا؟ لماذا لا تناقش هذه المسألة؟".
وذكّر اردوغان بالعراق، متسائلا "ما الذي يجري في العراق؟ ان بلدا وحضارة بكاملها قد دمرت وقتل مليون انسان. واليوم يريدون فعل الشيء نفسه بإيران والذريعة السلاح النووي".
يمتلك الأتراك صدقية أعلى بكثير من العرب للعب على وتر الخطر الإيراني، فأجدادهم من واجهوا الصفويين وهم القوة السنية الوازنة جيشا واقتصادا وإمكانات، وفي إيران قومية تركية، لكنهم اختاروا أن يشاركوا إيران لا أن يقاتلوها. لأن الحرب الصفوية العثمانية أصبحت في ذمة التاريخ.
كان العراق مؤهلا ليشكل ضلعا يكتمل فيه مثلث عراقي إيراني تركي، مثلث كهذا كان سيحقق ردعا حقيقيا للخطر الصهيوني. خرج العراق من المعادلة. إلا أن سورية مؤهلة، على ضعفها، لإتمام المثلث. لن يكون مثلث كهذا ضد ما يعرف بـ"دول الاعتدال" بل هو ضد دولة العدوان. والسعودية بالذات عليها أن تتعلم من الدرس السوري مع تركيا، إذ كانت دمشق تدعم تمرد حزب العمال الكردستاني، كما يزعم اليوم عن دعم إيراني للحوثيين. وفي الأردن لا تشكل إيران خطرا مباشرا، الخطر هو في المشروع الصهيوني، وفرق بين خطر متوقع وخطر واقع.