نكتب لوطن لا لحكومة ولا لنقابة وحسب
شحاده أبو بقر
05-10-2019 08:57 AM
لا قيمة في هذا الوجود بعد الإيمان بالله سبحانه ، تعدل قيمة الوطن ، وعليه ، نكتب للوطن كل الوطن وبكل مافيه من حكومات ونقابات وسوى ذلك كافة ، وبالذات ، عندما يدور الوطن في أزمة . وعليه وحيث تغدو المجاملات والإصطفافات مؤذية أكثر منها نافعة ، فلا بد لكل قلم من أن يقول الحقيقة دونما مواربة حرصا على سلامة مسيرة الوطن ، عل في ما نكتب ما قد ينفع الناس كل الناس حاكمين ومحكومين على حد سواء ، بإعتبارنا وجميعا ، في مركب واحد لا مركبين .
من هنا ، نرى أن أزمة نقابة المعلمين يجب أن تقرأ من منظور وطني شامل ، بإعتبارها أزمة وطنية تطال سائر الأردنيين بلا إستثناء ، وهي أزمة من العبث تمحيصها وفقا لمقولة الغالب والمغلوب ، ففي ذلك تصغير لكتفي الدولة كلها في عيون رعاياها وفي نظر الكافة داخل الحدود وخلف الحدود .
لا ، أزمة النقابة لا بد وأن تكون مؤشرا ومقياسا لنبض الشارع وتوجهات الرأي العام بمجمله ، كي نرتقي جميعنا في التفكير والطرح وإجتراح الحلول التي من شأنها حشد صف الشعب كله مع الدولة والوطن ، فشكوى النقابة هي شكوى السواد الأكبر من شعبنا جراء الفقر والبطالة وصعوبة ظروف العيش ، وإلا فما تفسير أن يمتنع مواطنونا عن إرسال فلذات أكبادهم إلى مدارسهم كل هذا الوقت وهم أكثر ما يكونون حرصا على إنتظام دراستهم كما هو مألوف ! ، وكيف يمكن أن نقرأ هذا التعاطف الكبير من جانب شعبنا مع مطالب المعلمين ! .
أدرك أن الأزمة لا بد وأنها تناقش حاليا بإهتمام شديد من سائر قوى الدولة في شقها الرسمي ، ولهذا ، أتمنى على من يفعلون ذلك ، أن يبحثوا الأمر بالتحليل والملاحظة والتقييم على قاعدة وطنية شاملة لا تخص نقابة المعلمين وحدها ، وإنما الواقع المعيشي لشعبنا بمجمله .
وعليه ، أنصح صادقا بعون الله ، أصحاب القرار بالإنطلاق في مناقشاتهم من حقيقة أن بلدنا يجتاز أعوام عسرة إستثانئية ، ومتى كان الأمر كذلك ، فلا بد من إجراءات وقرارات إستثنائية تتواءم مع الواقع الثقيل في وطأته على بلدنا وعلى شعبنا .
وعليه أيضا وحيث لا معين سوى الله جل في علاه ، أدعو لإعادة نظر جادة في شكل ومضمون موازنتنا القادمة ، وعلى نحو يوجه مالا أكثر لسائر العاملين في سلك الدولة بقطاعيها العام والخاص ، وكما قلت سابقا ، فإن دعم المستهلكين هو المحرك الأهم لإقتصادات الأوطان ، فهو البوابة لتنشيط قطاع المنتجين لزيادة إنتاجهم ، وبالتالي تشغيل عمالة أكثر ، وفي ذلك محاربة حقيقية للبطالة التي تنتج فقرا ينتج هو الآخر مشكلات إجتماعية وأمنية وإقتصادية .
راقبوا حركة السوق الأردنية لشهر واحد ، لتلاحظوا أن عجلة الأقتصاد تدور بوتيرة أسرع بدءا من ٢٥ من كل شهر وحتى الثلاثين منه ، وهي الفترة التي يتسلم موظفو القطاعين فيها رواتبهم ، وبعدها تعود حركة السوق إلى ركود قاتل
، إنتظارا للراتب القادم .
هذا يعني ، أن السيولة المالية بين أيدي المستهلكين هي من تحرك الأسواق ، ولو إستمرت طويلا لحفزت المنتجين ومن يملكون مالا على توسيع نشاطهم وزيادة إنتاجهم لمقابلة الطلب المتزايد من قبل قطاع المستهلكين .
أوقفوا معظم المشروعات الخدمية الكبرى في موازنة العام الجديد ، ووجهوا المال لزيادة رواتب الموظفين مدنيين وعسكريين وحثوا البنوك والشركات الكبرى على زيادة رواتب مستخدميها ، ولاحظوا الفرق ، والاردن الذي يعاني إقتصاديا ليس بحاجة لمدن صناعية وطرق إلتفافية وأحزمة حول المدن وسوى ذلك من مشروعات قابلة للتأجيل إلى زمن يسرة لا عسرة كما هو حالنا اليوم .
نعم ، الدولة أب لكل مواطن معلما كان أم غير ذلك ، والأب لا يتعامل مع أبنائه تعامل الند للند ويرى في طلباتهم وحاجاتهم تحديا له ، لا ، العكس هو الصحيح ، فإمسحوا وجوهكم بالرحمن ووجهوا أموال الموازنة الجديدة لرفع مداخيل الشعب وتلك أولوية لا تسبقها أولوية ، عندما تتسع دائرة الفقر وتتزايد معاناة الناس في بلدنا الحبيب .
نعم نكتب للوطن كل الوطن ، ونأمل أن تكون كلمتنا مسموعة بأذن الله ، فالمنطقة حبلى بما نعرف ولا نعرف من مجهول التحديات ، ونحن جميعا بأمس حاجة لأن نوحد صفنا جميعا مع الوطن ومع قيادتنا في مواجهة التحدي ، وهذا يتطلب بالضرورة أن نتدبر أمورنا بموازنتنا الجديدة وجعلها إستثنائية لدعم قدرات شعبنا المادية ، وعندما يفرجها مفرج الكروب على بلدنا ، يمكننا النظر في بناء مشروعات كبرى وما شابه من منجزات قابلة للتأجيل أمام حاجة مواطنينا الملحة للمال . والله من وراء قصدي