لست معلقا رياضيا، ولا من جمهور الكرة الساحرة ،وتصيبني الدهشة عند مشاهدة المتعصبين الذين ينفعلون ويصرخون بهستيريا، مع كل ركلة ضائعة او هدف ! وتنحصر اهتماماتي الرياضية بمشاهدة بعض المباريات الهامة ،خاصة في موسمي "الاولمبياد" و"المونديال "، لكن وجدتني اتطفل بالكتابة عن شأن رياضي، بتأثير الاجواء الهستيرية المرافقة للمبارة بين المنتخبين المصري والجزائري في القاهرة ،في الجولة السادسة والاخيرة من التصفيات الافريقية المؤهلة الى مونديال جنوب افريقيا 2010 !.وهي اجواء تقدم صورة اخرى عن احوال العرب ، فهم حتى في الرياضة ،كما في السياسة ، يلعبون مع بعضهم بغريزة "ثأرية " !.
تحدث اعمال شغب في الملاعب ،لكن ما يميز هذه المباراة ، اجواء حرب ضروس ، وتحريض وحملة شتائم متبادلة عبر الصحافة غير مسبوقة، وكانت ذروة الاثارة ما تعرضت له حافلة الفريق الجزائري من رشق بالحجارة من قبل بعض جمهور "الفراعنة" خلال توجهها من مطار القاهرة الى الفندق،واصابة عدد من اللاعبين، الامر لاذي اشعل أزمة دبلزماسية بين البلدين ، حيث ادان وزير الخارجية الجزائري " الاعتداء" بشدة ، كما استدعت الخارجية الجزائرية السفير المصري للاحتجاج ، لكن من غرائب المشهد، التناقض الصارخ بين رواية الطرفين لما حدث،ففيما ذكرت الصحف الجزائرية ان قوات الامن المصرية كانت متواطئة ،حيث سمحت لعدد من انصار المنتخب المصري بالاقتراب من مكان خروج المنتخب الجزائري من بهو المطار ، ما مكنهم من الاعتداء على الفريق ،وكذلك تعرض مبعوثي وسائل الاعلام الجزائرية لاعتداءات قوات الامن المصرية ! اما الرواية المصرية ،فهي مناقضة ولا تخلو من طرافة ايضا،اذ وصفت الحادثة ب"التمثيلية"، حيث اثبتت التحقيقات وشهادة سائق حافلة"الخضر" ان بعض اللاعبين الجزائريين قاموا بتحطيم زجاج الحافلة واعتدوا على السائق، وزعموا ان مجهولين قذفوهم بالحجارة،لكن ثمة ثغرة، فهل يعقل ان اصابات بعض اللاعبين الجزائريين نتجت عن ضرب زملائهم لهم !.
والاطرف من ذلك، ان احد الصحفيين الرياضيين المصريين ،زعم انه تعرض للضرب من قبل بعض الصحفيين الجزائريين والمرافقين لبعثة"الاخضر"! يصعب فهم مثل هذا التبرير ،خاصة وان السيد جمال مبارك نجل رئيس الجمهورية يرافقه رئيس المجلس القومي للرياضة ،قام بزيارة للوفد الجزائري في الفندق وقدم اعتذارا رسميا ،مؤكدا ان راشقي الحجارة هم مجموعة صغيرة متعصبة .
المبارة حاسمة بلا شك،ولعلها الاهم في كل مباريات القارة والقرعة والنتائج،وحسب بعض المعلقين تبدو فرصة الجزائر كبيرة لفارق النقاط والاهداف ، ومن هنا يبدو قلق جمهور الفراعنة ،لكنها ليست معركة حياة او موت،فثمة الكثير في بلاد العرب ما يستحق الانفعال اكثر من مبارة رياضية ،ولفتني وان اتصفح تغطيات الصحف المصرية والجزائرية لهذه "الموقعة"، عنوان جميل لصحيفة الشروق الجزائرية قبل ايام يقول "ادخلوا مصر آمنين .."فالاكيد ن الشعب المصري مضياف ويعشق الكرة ،وما حدث استثناء، وندعو الله بان تكون نهاية المبارة على خير وبدون دماء ،فبالنتيجة سيفوز احد الفرقين !.
theban100@hotmail.com