الشعب الأردني (شعب محترم) ..
شحاده أبو بقر
04-10-2019 12:47 AM
ذات مقال غير بعيد ، كتبت عن الشعب الفلسطيني الشقيق وعن صبره الطويل ومعاناته وما تعرض ويتعرض له من ظلم الغاصب المحتل ، واليوم سأكتب عن شقيقه الشعب الأردني ، وبعد .
من أنبل سجايا وخصال الشعب الاردني العديدة وجميعها ترفع الرأس ، أنه الشعب الطيب البريء الذي يؤثر على نفسه حتى ولو كانت به خصاصة ، فالكلمة الطيبة تفعل فعلها الطيب في نفوس هذا الشعب ، والأردني عموما ، يخلع رداءه ويهبه لرفيقه بكلمة طيبة ، أما الكلمة الخبيثة والعياذ بالله ، فوقعها جد صعب على النفس الأردنية ، فالأردني يستل سيفه شاهرا إياه بوجه من يقابله بكلمة خبيثة لا قدر الله .
الشعب الأردني صبور حتى يمل الصبر من صبره ، وكريم لا يجاري كرمه كرم آخر ، والاردني لا يجود بما يجد وحسب ، وإنما الجود في ثقافته المحببة ، حرارة في الجلود ، ولهذا لا يضير الأردني أبدا أن يجوع عياله مقابل أن يكرم ضيفه ورفيق دربه ، وبالمناسبة ، دلوني على شعب آخر على هذا الكوكب ، تقاسم وبكل المروءة والشهامة الوطن وخبزه ومقدراته وكل شيء فيه ، مع أخيه العربي والمسلم والإنسان بعامة ، كما فعل الشعب الأردني وما زال يفعل وكل يوم .
ودلوني أيضا على شعب أصدق وفاء وإفتداء لوطنه ولقيادته الكريمة ولأمته العربية كما هو الشعب الاردني ، فهل أغلق الأردني يوما بابه وبرغم ضيق ذات اليد وندرة المورد في وجه عربي مثلا ! ، ثم ألم يفتد الشعب الأردني الكريم وطنه وقيادته الهاشمية الكريمة وقضايا أمته بالأرواح صادقا متجردا من كل مثلبة أو بحث عن مغنم ! ، ثم ، من جارى الشعب الفلسطيني الشقيق بتضحياته وشهدائه ومعاناته كما فعل الشعب الأردني ويفعل اليوم وكل يوم ! .
من إنتصر للعرب وللعروبة وقضاياها من محيطها إلى خليجها كما فعل الشعب الأردني وبنخوة لا تجاري ومروءة ليس كمثلها مروءة ! ، ومن بداخله مشاعر عروبة جياشة لا تدانى كما هو الشعب الأردني النشمي ! ، ومن يملك أن يظلم حظه بين يدي واحد أحد وينكر على الأردنيين وجميعا ، أنهم دوما وبكل فخر في طليعة المدافعين عن العروبة والدين وقضايا الأمة حتى لو كان الثمن وضع وطنهم في مهب الريح والتاريخ بعيده وقريبه خير شاهد ! .
شعوب عربية شقيقة عدة ثارت على حكوماتها في معمعة ما سمي زورا بالربيع العربي ، ودفعت وما زالت تدفع الثمن قتلا وتشردوا ودمارا ويا للأسى والحزن معا ، وآثر الشعب الأردني السكينة وبرغم الفقر والفاقة والعوز ، أن يعض على وطنه بالنواجذ متشبثا بكل ذرة من ترابه ، وفيا صادقا لا متزلفا ، لقيادته الهاشمية الكريمة ولسائر مؤسساته ، وحريصا حتى في إعتصاماته وإحتجاجاته ، على أن لا يخدش في وطنه حجر أو شجر أو تهدر قطرة دم لا قدر الله ، وظل وما زال ويبقى بعونه تعالى ، الوفي الحريص على الوطن وأمنه وإستقراره .
يجوع الشعب الأردني وقد يعطش وقد يعرى ، ويستحي أن يقول لا أملك ، فصيت غنى عنده أكرم من صيت فقر ، فعلى هذا قد تربى ونشأ وترعرع ولن يحيد ولا يستجدي ، ولسان حاله اليوم يقول : فما أكثر الإخوان حين تعدهم ، ولكنهم في النائبات قليل .
هذا شعب محترم وفي لا يهون ولا يخدع ولا يخون ، أبدا أبدا أبدا ، وليس هذا من خصاله على الإطلاق ، وهذا شعب كرامته عنده ، تعدل حياته وأكثر ، هذا شعب يتنازل عن كل ما يملك عدا الوطن ، لقاء كلمة طيبة وموقف شريف مشرف ، وهذا شعب لم ولن يتخلى عن آل البيت الكرام ، وقد أسكنهم في العيون جيلا إثر جيل وكابرا عن كابر ، وغطاهم برموش العيون محبة ووفاء وتقديرا وإحتراما ، ولن يثنيه صعب أو خطب عن شيء من هذا إلا أن يفنى لا سمح الله .
شعب تلك هي خصاله وشيمه وصفاته ، هو جوهرة ثمينة جدا وسيف بتار وثروة لا تقدر بثمن ، وهو لهذا جدير بالتفاني من أجله ، ولقد قالها الملك الحسين رحمه الله يوم عودته من رحلته العلاجية الأولى حينما وجد الشعب كله شيبا وشبانا رجالا ونساء بإنتظاره في عمان العزيزة ، وقالها الملك عبدالله الثاني أمد الله بعمره في مطلع توليه العرش ، كنت مسؤولا عن أسرة من خمسة أفراد ، وأنا اليوم مسؤول عن أسرة من خمسة ملايين فرد .
لأصحاب القرار فقط ، هذا هو الشعب الأردني وأكثر ، هذا هو الشعب الذي تحل مشكلاته سياسيا وبالسياسة لا بغيرها ، وهذا هو الشعب الذي يعتد به على مر الزمان ، هذا هو الشعب الذي تخاض به البحور دون أن يرف للخائض طرف ، هذا شعب لا يهون ولا يخون ولا يتنكر للمبادىء السامية الراقية أبدا ، وهو لهذا ، جدير بحل مشكلاته ومداواة جراح عيشه وبأي ثمن مادي كان ، والرزق على الله ، وما عدمت دولة السبيل إلى ذلك في عام عسرة وجب أن توجه فيه كل الموارد والأموال نحو جيوب الشعب كي يحيا كريما مكتفيا كشأنه دوما .
خلاصة القول ، الشعب الأردني كله ومن كل أصوله وفصوله ، شعب محترم ، محترم ، محترم ، من دمه يمنح ، وعن حقه يصفح ، ومن أجل رزقه يكدح ، وبغير نهر الوطن لا يسبح ، ولغير هاتف العدل والحق لا يرضخ ، ولسوى الهاشميين آل البيت لا يشدو ولا يمدح ، فهل عرف التاريخ شعبا بهذا النبل الأوضح . الله من وراء قصدي .