"واحد .. واحد .. الهدف موقعي .. إرمي إرمي"، الكل يعرف قصة الشهيد الملازم أول الأردني خضر شكري، وطلبه من المدفعية الأردنية ضرب موقعه الذي أصبح محاطا بدبابات قوات العدو في معركة الكرامة، حتى لا يستطيع جيش الاحتلال السيطرة على موقعه، لمثل هذه المواقف الضاربة في الوطنية، نقف إجلالاً واحتراماً، حيث لا يوجد أثمن من تقديم العمر فداء للوطن أو دفاعاً عن ترابه.
لطالما كان المجد للشهداء وسيبقى كذلك، والخزي والعار للمتنفعين والمسؤولين الذين حال خروجهم من المنصب، وسحب السيارة والسائق، يتبطحون يميناً وشمالاً بحثاً عن منصة معارضة منتقدين كل شيء، رافضين لفكرة انتهاء الخدمة، ناقمين على الوطن، متنكرين لكل ما قدمه لهم، فهذه الفئة تعمل وفقا لمبدأ "أنا وطني طالما كنت في المنصب، وبعدها لكل منقلب حديث".
ما يؤشر لخطورة هذه الفئة، أن لديها نوع من التنظيم الضمني، حيث يجتمع الساخطون والناقمون في صالونات النميمة السياسية، لاستهدف الوطن واطلاق الشائعات، وتحريفها، بحكم أن معظم هؤلاء وبحكم خدمتهم العامة، يمتلكون جزء من معلومات تخفى عن الشارع العام، فتستخدم بطريقة من شأنها أن تزيد تأزيم قضية ما أو بناء رأي عام سلبي ضد شخصية أو مؤسسة ما.
اتعجب من شخص يخدم 25 عاماً في موقع عام ويصل إلى موقع صانع قرار، وعندما يحال للتقاعد، يبدأ في التخطيط لكيفية عودته للعمل العام من خلال المعارضة أو من خلال التأثير العشائري أو من خلال تسليط الضوء عليه عبر دكاكين المواقع الإلكترونية.
وهنا لا بد من ذكر قصة تعكس واقعاً آخر بطريقة مؤلمة، في إحدى الجامعات الحكومية، كان هناك أكاديمي طموح يبحث عن منصب إداري مرموق في الجامعة، لكن الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن، فطالت المدة والانتظار، إلى أن تفتق ذهنه العبقري، بخطة تضعه على المنصة، فاستخدم مجموعة من شباب الجامعة لكي تفتعل كل يوم خميس مشاجرة كبيرة داخل أسوار الجامعة، وتتعقد الأمور، ويقع الحرج على الطاقم الإداري في الجامعة أمام المعنيين والأهالي، ليأتي هذا الأكاديمي الطامح بمجموعة حلول وتسويات معينة وتحل القضية، وتتوالى الأحداث ويتقلد منصباً إداريا يتناسب مع طموحه، ثم يكشف أمره بعد أربع سنوات، لينتهي به الأمر ناقماً على الدولة والحكومة.
لدينا أمثلة كثيرة من هؤلاء، وما زلت مؤمناً أيضا بأن لدينا شرفاء ووطنيون كثيرون، ينتهون من الخدمة، ويضعون خبرتهم الطويلة في خدمة الوطن، ونحن بحاجة ماسة لهؤلاء في مثل هذه الظروف التي يمر بها وطننا الحبيب.. وبحاجة ماسة إلى من لا يتأخرون عن الوطن في بذل روحهم، ودعوة للجميع لنبذ المتسلقين والمتنفعين والمعارضين الوهميين، والمنظرين من وراء الشاشات بهدف تحقيق الشهرة ولف الأنظار غير مهتمين بتداعيات ما يفعلونه.
وصلواتي إلى الرب دائما أرفعها بتواضع، أن يعين وطني ويحميه ويحفظه، وأن يعين قائد البلاد على تحمل أخطاء وتجاوزات ونفاق وعدم مسؤولية البعض من أبناء هذا البلد!