ورقة سياسية: من أراد الانتخابات فليعمل على إنهاء الانقسام أولا
01-10-2019 09:09 AM
عمون - خلصت ورقة سياسية صادرة عن لجنة السياسات في مركز مسارات من إعداد الكاتب هاني المصري إلى أن الدعوة إلى إجراء الانتخابات الفلسطينية، تحتاج إلى العمل على إنهاء الانقسام أولا.
وأعلن الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 26/9/2019، أنه سيدعو فور عودته إلى انتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة.
ويرى المصري أنه لا شك في أن الإعلان ينطوي على قدر من المفاجأة، لأن موضوع الانتخابات توارى عن الأنظار بعد التطورات والمستجدات التي وضعت رأس القضية الفلسطينية على المقصلة في ظل الخطة الأميركية الإسرائيلية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من مختلف أبعادها، وتجاوزت إقامة دولة فلسطينية والمرجعيات المعتمدة سابقًا، بما فيها المرجعية الدولية، إلى جانب أن الدعوة لإجراء الانتخابات أدت وظيفتها الرئيسية في التغطية على حل المجلس التشريعي.
وساهم في توقيت الدعوة للانتخابات مبادرة الفصائل الثمانية التي طرحت في أيلول 2019، ومن ضمنها فصائل في منظمة التحرير، حيث وافقت عليها "حماس"، في حين اعتبرتها "فتح" مضيعة للوقت، ونسخة أخرى عن مبادرة "حماس"، لأن "فتح" لا تريد أن تبدو منعزلة، وظهرت من خلال الدعوة إلى الانتخابات وكأنها تريد الاحتكام إلى الشعب وليس إلى الفصائل.
ويعتبر المصري أن القول إن الانتخابات لا تشكّل أولويّة، ولا تشكّل مخرجًا من الأزمة التي لا يزال يعيشها النظام السياسيّ الفلسطينيّ، نابع بالأساس من حقيقة أن الانتخابات تحتاج إلى وحدة المؤسسات التي تحضر لإجرائها، وإلى الحد الأدنى من التوافق القانونيّ والسياسيّ، غير المُتوفّر كليًا في السياق الفلسطينيّ، وهو ما يجعل من الانتخابات في حال عُقدت، شكلية لا تغيّر فعلًا من الواقع القائم.
ويبرر ذلك لحقيقة أن الظرف الحاليّ سيشكّل نتائج الانتخابات، وليس العكس حيث تشكّل نتائج الانتخابات الواقع وتصيغه.
وما يعزز هذا الرأي- حسب المصري- ما تعانيه القضية الفلسطينية الآن من مخاطر وتحديات تفرض أن تكون الأولوية لإحباطها، وتكون الانتخابات في هذه الحالة نقطة ضمن خطة شاملة، وتندرج في سياق إحباط الخطة الأميركية الإسرائيلية لتصفية الفلسطينية.
أمّا من الناحية الاجتماعيّة - السياسيّة، فإن الانتخابات تحتاج إلى حد أدنى من الاتفاق على شكل النظام السياسيّ، وماهيّته، وحدوده كما الاستراتيجية الوطنيّة والسياسية التي تدور المعركة الانتخابيّة تحت سقفها، كما اتفاق على هويّة الدولة، وشكل الحكم فيها، والحريّات كما حريّة الترشّح والانتخاب، والأهم: لماذا ننتخب؟.
وبين المصري أن هذا غير موجود في فلسطين لعوامل عدة: الانقسام الذي يعبر عن غياب التوافق على استراتيجية سياسيّة، وغياب الأهداف الواضحة أصلًا للنظام السياسيّ وماذا يريد هذا النظام أن يُحقّق؛ كما الاحتلال من جانب آخر، حيث يلقي بظلاله على العمليّة الانتخابيّة ككل، ويبدأ باعتقال المرشّح وصولًا إلى قمع الناخب.
ومن هذا المنطق، يجزم المصري أن الانتخابات غير ممكنة أصلًا في السياق الفلسطينيّ إلّا بعد الاتفاق على العوامل الأساسيّة التي تجعلها ممكنة، وعلى رأسها، ما الاستراتيجية الفلسطينيّة، وما مكوّنات النظام السياسيّ الفلسطينيّ المنقسمة التي تعتمد الإقصاء ليس كسياسة فقط، بل كشرط الحكم إن كان في الضفّة الغربية أو قطاع غزّة.
ويلفت المصري إلى أن الانتخابات شكل من أشكال ممارسة الحرية، وهي ضرروية، ولكن يجب ضمان حريتها ونزاهتها واحترام نتائجها، وهذا يقتضي تحديد وظيفتها بشكل واضح، وهل ستكرس الوضع القائم بقيوده والتزاماته المجحفة أم ستكون في إطار مقاربة جديدة تهدف إلى تغيير المسار، وتشكل تتويجا لعملية إعادة النظر في شكل السلطة ووظائفها وعلاقتها بالمنظمة والدولة بصفة مراقب، والسير في طريق قادر على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني.
ويشير إلى أن هناك من يقول إن إجراء الانتخابات بأي شكل وفي أي منطقة، يجدد الشرعية المتآكلة للسلطة والقيادة، غافلاً عن أن الديمقراطية التوافقية هي التي تناسب الفلسطينيين في ظل المرحلة التي يعيشونها، مرحلة التحرر الوطني، وأن اجراء الانتخابات بدون توفير الحد الأدنى من مستلزماتها، يمكن أن تكون خطوة نحو المجهول أو حتى الجحيم!
ويشدد بالقول إن "من أراد الانتخابات فعلاً عليه أن يعمل كل ما يلزم لإنهاء الانقسام أولاً، بحيث يكون التنافس والخلاف في إطار الوحدة وباعتبارها هي المدخل الوحيد لإجراء الانتخابات".
ويبين أن هذا ينطبق على الانتخابات العامة، أما الانتخابات على المستويات الأخرى المحلية والقطاعية، فيجب أن تعقد بشكل دوري وبانتظام.