هنالك على الأقل عشرون كتاباً وفيلماً سينمائيا غربياً في عنوانها كلمة جسر أو (Bridge) بالإنجليزية. وفي معظمها نرى ان هذه الافلام تنتهي نهاية حزينة.
وحديثنا اليوم عن العالم الافتراضي، والذي يُتّهم بأنه المسؤول عما تشهده أماكن كثيرة في العالم من عنف وجرائم، وعما نشاهده على شاشات التلفزة وكل وسائل الاتصال من مظاهرات واحتجاجات وإضرابات.
وقد صار التحفيز لمثل هذه الأعمال يبدأ من العالم الافتراضي. وقد بدأنا نرى أن كلاً من منصة “فيسبوك” ومنصة “تويتر” بدأتا تلغيان حسابات لآلاف لأشخاص أو لمجموعات تحض على العنف والجريمة من ناحية، والاحتجاج والتظاهر لأهداف سياسية.
وقد تفاوتت الاحتجاجات في أرجاء العالم في أسبابها ودوافعها وحجمها. ونجح بعضها إلى حد كبير كما حصل في السودان وتونس، وبشكل أقل في الجزائر في تحقيق اهدافها.
ولكن الكل يقول إن وراء هذه الحركات والمظاهرات – كما حصل إبان فترة الربيع العربي- دول بعضها كبرى تطبيقاً لنظرية الفوضى الخلّاقة، أو للعبث بنتائج الانتخابات، أو لتغيير الانظمة، أو وراءها دول إقليمية. وان هذه المحاولات يجري الإعداد لها والتحفيز عليها في العالم الافتراضي او عالم الانترنت والمنصات التواصلية العالمية.
وإذا كان هنالك أسباب كافية فإن المُحَرّضين يحولون هذه الشكاوى إلى تحفيز على الفعل، والخروج إلى الشوارع للاحتجاج. والبطالة والفقر وتهميش الشباب خاصة هي العناصر الأساسية التي تُستخدم لتهييج هؤلاء، ودفعهم للتظلم والاحتجاج في الشوارع والميادين.
وهنالك سبب أهم وهو عدم الرضا والقلق من الفعل العام الذي يدفع الناس لأحضان الخوف من المستقبل. والشباب يحتجون أن آباءهم وأجدادهم قد تركوا لهم ثروة ثقيلة من المشكلات. فمظاهرة يوم الجمعة الماضي في (163) دولة احتجاجاً على الانكفاء البيئي والتغير المناخي تدل على قلق الشباب من عناصر الطبيعة وتأثيراتها على حياتهم المستقبلية. وقس على ذلك هنالك احتجاجات تطالب بأمور اخرى مثل الاصلاح السياسي وحل مشكلة البطالة والفقر او للمطالبة بالحقوق الاساسية.
وهنا يبدو أن التجسير قد نجح أخيراً في خلق التواصل المباشر بين العالم الافتراضي والعالم المعاش الحقيقي، وصار انتقال الأثر الذي نراه على حسابات واتس آب، وفيسبوك وتويتر وغيرها ينتقل إلى دنيا الواقع بسرعة متزايدة في معظم انحاء العالم.
أما عندنا فإضراب المعلمين لم يخلق احتجاجات عامة مثل التي حصلت مع مشروع قانون ضريبة الدخل المُعدل الاول أو القانون المُعدل الذي أُقِر. والسبب أن الأردنيين يأخذون وقتهم، ويقبلون أن الاحتجاجات والصراخ والنديب الذي يحصل على شاشات الهواتف والآي بادز، والحواسيب لا يترجم نفسه فوراً إلى احتجاجات ملموسة في دنيا الواقع.
ولكن هنالك الكثير الذي يشكو منه المواطنون لأنهم وإن انتقدوا لا يريدون المساس بكرامة وطنهم. ولكن هذا لا يعني إبقاء الأمور على حالها، فالوضع ليس حسناً على الإطلاق.
الغد