انقضت اربع سنوات كاملة منذ القرار «الإستراتيجي» الذي اتخذه الرئيس الروسي في 30 أيلول 2015، بالاخراط في الأزمة السورية وإفشال الحرب الكونية على بلاد الشام, التي دشّنها تحالُف الشرّ الغربي الإمبريالي مع المجموعات السلَفية الجِهادية, وتمويل سَخِي من أنظمة وجماعات في الإقليم، ظنّوا جميعاً ان بمقدورهم التحكّم بالمشهد السياسي وخصوصا الإقتصادي بأبعاده المختلفة وبخاصة النفط والغاز, كي يُحكِموا قبضتهم لعقود مُقبِلة على المجتمعات والثروات العربية, بعد أن لاحَت تحوّلات جوهرِية وبخاصة في موازين القوى.. تُوشِك الحدوث. كان هؤلاء الأشرار على أُهبة الإستعداد لإشعال الحرائق والفوضى في أكثر من دولة عربية, لم يتردّد إمبِريالِيّو واشنطن من تسميتها زوراً بـ«الربيع العربي».
ما علينا..
بدأت عمليات القوات الجوفضائِية الروسِية على الاراضي السورية، فَانّبرى هؤلاء الأشرار تدعمهم آلة إعلامية مَهولة مُتعدِّدة الألسن والّلهجات والرطانة, يُبشِّرون «الروس» بأفغانستان جديدة، لِمَ لا وبخاصة ان الإرهابيين أنفسهم الذين إعتمَدتهُم وكالات الإستخبارات الغربِية وبعض العربِية, قد جرى تَأهيلهم وتدجينهم وترويضهم بعد الحادي عشر من ايلول الاميركي (غزوتي نيويورك وواشنطن).. بغزو افغانستان لإسقاط إمارة طالبان (كما قال بوش الصغير) وخصوصاً بعد غزو العراق, الذي قيل عنه اميركياً وبخاصة بعد الهزيمة النكراء التي لحقت بالغزاة...الاميركي (والبريطاني و الأطلسي, انها كانت حَرب «خَيار» وليس حَرب «ضرورة» كما هي حال افغانستان (يلوح الآن شبح هزيمة اميركية نكراء أُخرى, تُذكّر بهزيمة فيتنام. ولكن أكثر فداحَة..مادِية وأرواحاً بَشريّة وانقساما أُفقيا وعاموديا في المجتمع الاميركي).
لم يُواجِه الروس في السنوات الأربع التي انقضت على انخراطِهم الفِعلي والفعّال في الازمة السورية.. أفغانستان أُخرى, وكانت موسكو بوتين استوعبَت الدروس العميقة للتدخل السوفياتي,غير المدروس بل الأحمق في أفغانستان قبل 40 عاماً في (25/12/1979 وانسحبوا في 15/2/89) لهذا.. انعكس هذا الفَهم الروسي الدقيق لدروس الخطيئة السوفياتِيّة،في الإنجازات الباهرة التي تحقّقت ميدانيا على يد الجيش السوري والقوات الرديفة, وتلك التي جاءت بعد الثلاثين من ايلول 2015 سواء كانت روسية أم إيرانية أم مَجاميع مُتطوِّعة.
أكثر من «مشروع» خبيث فشل وانهزم في سوريا, وبخاصة ذلك الإسلاموي التوجّه,الذي لم تَزلْ تُراود قادَته أوهام استعادة زمام المبادرَة, وبخاصة من جهة الداعِم التركي, الذي لم يَتوقّف عن إحتضانِهم, سواء عبر غَزوتَيّ (درع الفرات وغصن الزيتون), والآن في ما يصِفه زوراً «المنطقة الآمنة»، ناهيك عن خِطط ومشروعات أخرى لدول إقليمية,لم تُسعِفها الاموال التي أغدقتها ولا صفقات السلاح التي عَقدتها لصالح المجموعات الإرهابية, وباتت الآن لا تعرف إتجاه الأمور, بعد هزيمة أدواتها ومَن كانوا طوع أجهزتِها الاستخبارِية.
الانخراط الروسي كرّس معادلات وموازين قوى جديدة, نحسب أن تأثيراتها ستتجاوز المشهد الإقليمي الى ساحات وملفات دولية أُخرى, وبخاصة بعد نجاة سوريا من شبّح التقسيم والفدرَلة والكانتونات الطائفية والعِرقية. وفي صدد استعادَة دورها الإقليمي.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي