العشائر ليست خطرا على الأمن وهيبة الدولة
سميح المعايطة
12-11-2009 04:45 AM
بعض أشكال الحديث في مناقشة بعض الظواهر السلبية تحاول الربط بين العشائرية والخروج على القانون، والبعض يذهب في مسار سلبي لأن هذا الربط مشكلة جديدة، ولا يجوز أن يكون نقاش البعض لظاهرة سلبية مدخلا لمشكلة جديدة.
وتحليل ظاهرة العنف يجب إن يتم في سياق علمي بعيدا عن التفسيرات السلبية، فالعشائر ليست الوجه الآخر للخروج على القانون، والعشائر ليست الخطر على الاستقرار أو الطريق لتفكيك هيبة الدولة، والعشائر لا تقوم بنقض عرى الدولة والقانون والتخريب.
والتحليل العلمي يجب أن لا ينسى أن من أرسى دعائم الدولة ووضع أسس الأمن والنظام فيها منذ يومها الأول هي العشائر، وأن المؤسسات التي عملت عبر عقود الدولة على إرساء القانون ووضع سياج الأمان للأردنيين قامت على العشائر، وفي البعد القانوني فإن القضاء العشائري وعبر عشرات السنين شكل خطا قانونيا موازيا استطاع أن يقدم للعدالة الكثير في احتواء المشكلات الاجتماعية الكبرى وإيجاد حلول أصبحت عرفا ملزما وإيجابيا حتى اليوم.
وكانت الدولة تستعين بالقضاء العشائري لمنع تفاقم المشكلات ونشأت في الأردن حالة إيجابية في توازي تطبيق القانون المدني والعشائري في احتواء القضايا الاجتماعية الصعبة، وإن كان هذا لا يعني عدم وجود ثغرات في هذا القانون تستدعي التعديل.
أي تحليل أو استنتاج يحاول الربط بين الخروج على القانون والعشائر يحمل منهجية خاطئة، لأنه حتى في المنطق السياسي والمصلحي فإن قوة الدولة واستقرارها هي المصلحة العليا لكل اردني وفي مقدمتها العشائر، وبدلا من الاستنتاج السلبي علينا أن نفصل بين الأطر الاجتماعية، واهمها العشائر، وبين أي فعل سلبي أو تطاول على القانون، فإذا اخطأ شخص من عشيرة فلا يقال ان العشيرة خرقت القانون، لأن إدانة عشيرة بخطأ أفراد منطق سلبي فمن يعملون على تطبيق القانون هم أيضا أبناء عشائر في الأجهزة الأمنية وقيادات تلك الأجهزة، فلماذا ننسب الفوضى والخروج على القانون للعشائر بينما لا نسجل أن أبناء العشائر هم رجال الأمن وقادته!
لا نريد أن ندخل جدلا يخرجنا عن الهدف الأساس وهو معالجة مشاكلنا، لكن الضرورة أن نوجه النقاش نحو اصل المشكلات، لأن الخروج على القانون يمارسه ابن تنظيم او عشيرة او حزب او أي شخص من أي اطار اجتماعي أو سياسي فلا يجوز التعميم إلا إذا كان الخروج على القانون سياسة لتلك الجهة وقرارا ينفذه الأفراد بأوامر، فهل قررت العشائر أنها فوق القانون ويمارس أفرادها تنفيذ تلك السياسة!
العشائر محضن الرجولة والخلق الكريم وهي التي أنتجت رجالات الأردن الذين قاتلوا على ارض فلسطين وبنوا الدولة، والكثير من مناطق العشائر مظلومة من حكوماتنا على صعيد الخدمات، وهي التي استحقت لقب "الأقل حظا" وهي التي تعاني من فقر التنمية وقلة الاهتمام ولم يؤثر هذا على صدق انتماءها وحرصها على الدولة وقوتها.
sameeh.almaitah@alghad.jo