انتصار الشفافية: مصفاة البترول نموذجا
جميل النمري
12-11-2009 04:43 AM
هناك مشاريع كبرى بالبلايين على الطريق؛ من مشروع نقل مياه الديسي إلى قناة البحرين إلى السكك الحديدية وتطوير النقل العام، وعلى ما نقرأ فقيمة المشاريع المقبلة تناهز الخمسة عشر بليون دينار، ولن يكون الجميع ملائكة إزاء هذه الفرص الدسمة.
وكما نعلم، فقد تداخلت السياسة والتجارة في الآونة الأخيرة، وتبادلتا الأدوار، فالوزراء والمديرون يتحولون إلى قادة أعمال والعكس صحيح، ورئيس استثمار ناجح يصبح وزيرا في نفس مجاله، ثم يعود مديرا لأعماله ومسؤولا يشرف على مشروع خصخصة ثم يصبح مسؤولا فيه، وهكذا دواليك.
ثمّة مصالح ومنافع لا يمكن مقاومة إغراءاتها؛ فهي إن لم تكن لك تذهب لغيرك، وهذا كاف لعدم الرهان على مثالية البشر. فالضمانة هي آليات شفافة وانكشاف العمل أمام الجهات الرقابية والرأي العام في كل محطّاته وكل دقيقة من مساره، ويجب أن نتعلم من دروس سابقة!
لدينا في موضوع دخول "شريك استراتيجي" في مشروع توسعة مصفاة البترول بمبلغ لا يقلّ عن 1.2 بليون دينار مثال راهن على تصويب مسار أحاطت به التساؤلات بفعل التدخل القوي من الإعلام والنواب ومؤسسات لمجتمع المدني.
وبصرف النظر عن صحة الانطباع، فالمشروع الذي اقترن باسم شركة بعينها بدا غامضا وأثار تساؤلات، ونحن لا نقول إن الأمور كانت ذاهبة بالضرورة في المسار الغلط، لكن تسليط الضوء على المشروع بقوّة أمام الرأي العام أعاد وضعه على السكة الصحيحة، وفق ما نرى حتى الآن.
فبحسب ما نشرت "الغد" أمس، تقدمت 9 شركات برسائل اهتمام للفوز بمشروع توسعة المصفاة بعد أن قررت الحكومة إعادة فتح التنافس للجميع وفق نفس الشروط، التي كان التفاوض حولها يدور مع جهة واحدة غير معروفة للرأي العام.
وفي وقت سابق كانت المعلومات تقول إن أي جهة لم تتقدم لمشروع فتح مصفاة جديدة وإن الشركات المهتمة بمشروع توسعة المصفاة انسحبت، لأن المشروع ليس مجديا بالشروط الموضوعة، ومنها انتهاء احتكار المصفاة، ثم علمنا أن هناك جهة وحيدة تفاوض على التوسعة والدخول كشريك على أساس تجديد الامتياز لخمسة عشر عاما مقبلة. وحسب أعضاء في مجلس إدارة المصفاة فقد كان اطلاعهم هو على مراسلات مع جهة غامضة لا يعرفون عنها إلا الاسم فقط.
والآن إذ تعيد الحكومة طرح العرض بشروط الامتياز على الجميع فإننا نرى تسعة أطراف تتقدم، من بينها الشركات التي كانت قد انسحبت في السابق.
وقد بادرنا في جمعية الشفافية الأردنية إلى عقد ندوة حول المشروع تشكل نموذجا لملاحقة القضايا في وقتها وتعزيز دور الرأي العام، فقد اشترك فيها جميع الأطراف المعنية وخبراء وإعلاميون بهدف وضع الأمور على الطاولة بشفافية، والإجابة عن التساؤلات، وتمّ بثها مباشرة بالفيديو على الإنترنت من خلال موقع عمون.
jamil.nimri@alghad.jo
عن الغد ..